مصالحة مشروطة.. النساء في البرلمان
مصالحة مشروطة.. النساء في البرلمان
سعت الجمهورية الإسلامية في الأعوام التالية إلى كسب بعض الشعبية التي أهدرتها، وتم ذلك بنجاح المرشح الرئاسي “محمد خاتمي” المشهور برؤيته الإصلاحية، وأيضًا ماضيه الثوري وقربه من القيادة، وكذلك شعبيته بين الشباب الإيراني، وبدا من الاحتفالات الشعبية بعد فوزه، أن الانتخابات هذه المرة اتبعت شيئًا من النزاهة، وكان الإيرانيون يحملون الكثير من الأماني والتوقعات لفترته الرئاسية، إذ توقَّعوا منه تحسين الحالة الاقتصادية للبلاد، وإصلاح المؤسسة القضائية، وربما اعتقد الإيرانيون أن خاتمي سيكون وريثًا لأبطالهم التاريخيين، وسيسير على خطى مصدق، لكن الواقع وسلطات الرئيس المحدودة التي يمنحها له الدستور، لم تسمح بأكثر من بعض الحرية في المجال العام وتليين أيادي الرقابة قليلًا.
استطاع الإيرانيون في نهاية فترة التسعينيات التقاط بعض الأنفاس، وبدا أن هناك مجتمعًا إعلاميًّا حرًّا بصدد التكوُّن، ولم تعد معارضة سياسات الجمهورية الإسلامية مكلفةً للحيوات كما في السابق، وبالفعل باشرت الصحف نقد القيادات وممارساتها، فأحيانًا وصل الأمر إلى إغلاق تلك الصحف بقرار من الهيئة القضائية، لكن الاحتجاجات كانت تندلع معارضة لتلك القرارات، وقادها الطلاب الجامعيون ودفعوا تكاليفها أيضًا، لم تختلف أساليب قيادة الثورة في التعامل مع المحتجين، وسلَّطت عليهم عصاباتها كوسيلة للردع، حاولت شيرين فضح تلك الممارسات عن طريق أفراد تلك العصابات، وعندما اعتقدت أنها وصلت إلى دليل، كانت قد وقعت في فخ محكم، قادها إلى السجن بتهمة نشر الأكاذيب ضد الجمهورية.
بعد العديد من المناورات في المحكمة، استطاعت الخروج من السجن بعد شهر بكفالة، وقد فهمت أن الوضع لا يوجد فيه أي تغييرات جذرية، وأن الإصلاحيين بقيادة خاتمي مكبلون، وغالبًا سيظلون كذلك طويلًا، لكن لا يستطيع أحد أن يعترض على تراجع دور شرطة الأخلاق في الشوارع، وتخفيف القيود حول وجود النساء وملابسهن، وظهر بصيص من الأمل بفوز الكتلة الإصلاحية بأغلبية البرلمان عام 2003 مع وجود تمثيل للنساء، وشاركتهم شيرين في إعداد مسودة لقانون الأسرة، يركِّز على حقوق النساء عند الطلاق، وحتى مع رفض هذه المسودة، كان هذا النقاش يُعدُّ تقدُّمًا بشكل ما؛ إنها عادة إيران، أحلام قلقة، وشعب لا يملُّ الانتظار.
الفكرة من كتاب إيران تستيقظ: مذكرات الثورة والأمل
عاشت شيرين عبادي في فترة قلقة للغاية من تاريخ إيران الحديث، حيث شهدت المؤامرة على حكومة مصدق في طفولتها، وشاركت في الثورة الإسلامية في شبابها، وعاينت لبقية حياتها نتائجها التي سترسم ملامح دولة إيران الحالية، شاركت شيرين التيار الحقوقي في متابعة جرائم القتل خارج إطار القانون، وحاولت فضح أذرع الحكومة الخفية التي استخدمتها لقمع الحركة الإصلاحية في إيران؛ إنها سيرة بدأتها الثورة وكادت تنهيها.
مؤلف كتاب إيران تستيقظ: مذكرات الثورة والأمل
شيرين عبادي: محامية وقاضية، وناشطة حقوقية، وُلدت شيرين عام 1974م بمحافظة همدان، في أسرة معروفة بنشاطها السياسي، التحقت بكلية الحقوق في جامعة طهران وحصلت على شهادة في القانون، لتعمل كقاضية وترأس المحكمة التشريعية قبل الثورة، عملت بعد الثورة محامية حقوقية، وتولَّت العديد من القضايا التي أحدثت صدًى واسعًا، حصلت على جائزة نوبل في السلام عام 2003م.
معلومات عن المترجم:
حسام عيتاني: كاتب صحفي وباحث لبناني، وُلد في بيروت عام 1965 م حيث تلقى تعليمه الابتدائي، وأكمل تعليمه الجامعي في روسيا، عمل في جريدتي “السفير”، و”الحياة اللندنية”، له مُؤلَّف بعنوان: “الفتوحات العربية في روايات المغلوبين”.