الاحتلال الفرنسي
الاحتلال الفرنسي
منذ انضمام تونس إلى الدولة العثمانية، فقد مرت عليها ثلاثة عهود بدايةً من عهد الباشوات ثم عهد الدايات ثم عهد البايات، وفي هذا الأخير أصبح الحكم وراثيًّا بين عائلتين المرادية ثم الحسينية حتى قيام الجمهورية عندما حاصرت فرنسا الطامعة بتونس منذ استقرارها في الجزائر قصر الباي بباردو وعرض قائد الجيش على محمد الصادق معاهدة باردو التي وقَّعها في النهاية.
تضمَّنت هذه الاتفاقية وضع الباي تحت حماية فرنسا وتقييد سلطاته، أو بعبارة أخرى سلب تونس كل مقومات الدولة المستقلة على الرغم من ادعائها الاعتراف بالسيادة التونسية وتعهدها بحماية العرش الحسيني، وكذلك أجبرت فرنسا الباي على توقيع معاهدة المرسى الكبير عام 1883م، والتي بمقتضاها تم فرض الحماية على تونس، وبدأت فرنسا في إدارتها مباشرة.
أنشأت فرنسا عندها مجلسًا استشاريًّا، وفتحت الباب أمام الهجرة إلى تونس للفرنسيين والإيطاليين وقدمت لهم الامتيازات ضمن سياستها للاستيطان في تونس مثل وضع كل الوظائف الإدارية المهمة في أيدي الفرنسيين ومنحهم العلاوات واستبدال اللغة العربية باللغة الفرنسية في الإدارة والتعليم الرسمي، حتى أنها مكنت المستعمرين الفرنسيين من امتلاك الأراضي الشاسعة بأثمان بخسة.
إضافةً إلى ذلك فقد بدأت فرنسا في خطتها لتذويب الهوية الإسلامية واستهداف النواحي الثقافية للمسلمين، ومن ذلك التعليم، فقد كانت هناك أربعة أساليب للتعليم في هذا الوقت، أما الأول فهو التعليم التقليدي المعروف بالكتَّاب، وهو تعليم قائم على أساس الدين وتعليم القرآن والقراءة والكتابة، وقد حافظ على اللغة العربية وتراثها الثقافي، وثانيًا- التعليم الأهلي تحت إشراف المنظمات الوطنية وكانت مهمته الأساسية الحفاظ على اللغة العربية للحفاظ على الشخصية الوطنية، وثالثًا- التعليم التبشيري من الإرساليات المسيحية التبشيرية لنشر المسيحية وتحويل الناس إليها، وأخيرًا- التعليم في المدارس التي افتتحتها السلطات.
كانت مدارس السلطات تقتصر على أبناء المستوطنين الجاليات الأجنبية وممنوعة على أبناء المواطنين، فكانت مهمتها تتماشى مع سياسة الاستعمار في تطبيق الاندماج وقانون التعليم الإلزامي لمواطني الدولة الاستعمارية، وإضافةً إلى ذلك، اقتصر التعليم على حفظ القرآن الكريم من دون تفسيره خصوصًا الآيات التي تدعو إلى التحرر من الاستعباد، ومنعت كذلك دراسة التاريخ الإسلامي والعربي ودراسة جغرافية الوطن العربي، وكل ذلك في محاولة لنشر الأمية وتجهيل المواطنين التونسيين.
الفكرة من كتاب قصة تونس من البداية إلى ثورة 2011م
في شمال قارة أفريقيا وبين الجمهورية الليبية من الجنوب الشرقي والجزائر من الغرب، تقع تونس أو “ترشيش” قديمًا، وتتميَّز تونس بتربتها الخصبة المحاذية للبحر في أغلب مساحتها والصحراء في أربعين بالمائة من مساحتها، وقد تعاقبت عليها الحضارات البربرية والفينيقية والرومانية والعربية الإسلامية فتركت فيها البصمات الثقافية والمعمارية.
ولأن الفينقيين قد عرفوا بالترحال والتجارة، فقد نشطت التجارة في الساحل التونسي، وبالتحديد في قرطاج، عندما أنشؤوها في القرن التاسع قبل الميلاد، وسيطرت تونس نتيجة لذلك على البحر المتوسط وحقَّقت الثروات الهائلة، ثم أصبح لها مجلس للمدينة وجمعية شعبية وحاكمان ينتخبان سنويًّا، ومع ذلك للأسف بدأ التنافس والتضارب بين الحاكمين على السياسات، ما أضعف قرطاج.
مرت تونس بعد ذلك بعدة حروب ضد روما تسمى بالحروب البونية حتى دمرت قرطاج تمامًا، لكن يوليوس قيصر أعاد بناءها عام 44 ق.م، وأسماها مستوطنة قرطاج اليوليوسية، فازدهرت وأصبحت مصدرًا للمنتجات الزراعية ومقرًّا للحضارة الرومانية لستة قرون حتى تمكن القائد المسلم حسان بن نعمان من فتحها في 79هـ/698 م.
فيما يلي نحكي قصة تونس منذ الفتح الإسلامي مرورًا بالاحتلال الفرنسي وحتى الثورة التونسية في 2011م.
مؤلف كتاب قصة تونس من البداية إلى ثورة 2011م
راغب السرجاني: هو طبيب مصري من مواليد عام 1964م، تخرَّج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1988م، ثم نال شهادة الماجستير عام 1992م، ثم الدكتوراه عام 1998م، إضافةً إلى كونه أستاذًا مساعدًا بكلية الطب جامعة القاهرة، وهو رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة.
عُرِف عن راغب السرجاني كذلك كونه مفكرًا إسلاميًّا مهتمًّا بالتاريخ الإسلامي، وهو صاحب الفكرة والمشرف على موقع “قصة الإسلام” المعني بهذا الموضوع، وقد أطلق مشروعه الفكري تحت شعار “معًا نبني خير أمة” على أساس فهم التاريخ الإسلامي فهمًا دقيقًا واستنباط عوامل النهضة منه.
صدر له العديد من الكتب في التاريخ والفكر الإسلامي مثل:
كتاب “إلى شباب الأمة”.
كتاب “فلسطين لن تضيع كيف”.
كما قدَّم العديد من البرامج عبر الفضائيات العربية، وله العديد من المحاضرات المسجَّلة كذلك في مواضيع السيرة والتاريخ وغيرها.