حالة الاستثناء
حالة الاستثناء
حالة الاستثناء هي حالة ينعدم عندها التمييز بين الديمقراطية والاستبداد، يعلَّق فيها العمل بالقانون، وتكون الدولة في حالة فراغ، فقد تقوم الدولة بأعمال خاطئة واضعة إياها تحت بند الاستثناء؛ كخلق حالة دائمة من الطوارئ، ولا تقتصر هذه الحالة على فرض وضع الطوارئ فقط، بل تمتد إلى تعليق العمل بالقانون نفسه، كما لو حصلت كارثة طبيعية، أو حرب أهلية، أو تنفيذًا لرغبة الرئيس في إصدار قرارات ما، كما فعل الرئيس الأمريكي بوش الابن حين ألغى المركزية القانونية للفرد، وعامله على أنه (كائن) لا تعريف له ولا تصنيف.
فمن حق الدولة اعتقال الأجانب المشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية لآجال غير مسماة، ومن يُلقى القبض عليهم ليسوا أسرى ولا متهمين، بل رهن اعتقال مطلق، من غير حقوق، ولا لاحتجازهم طبيعة قانونية محددة، يعيشون (حياة عارية) يتم إمدادهم فيها بالطعام والماء والمأوى، لكنهم مبعدون عن الوجود الطبيعي للحياة الإنسانية، كما حدث في جوانتانامو، مخالفًا بذلك قانون جنيف.
وتعدُّ حالة الاستثناء مظهرًا من مظاهر الضرورة، مقدمة نفسها كإجراء غير قانوني، ولكنْ متفق مع النظام القانوني والدستوري، لكنها في الحقيقة فضاء بلا قانون، ووضع تعريف دقيق من الصعوبة بمكان لوجودها على الحد الفاصل بين السياسة والقانون، ولكن السمة المميزة لها التعليق الكلي، أو الجزئي للنظام القانوني، فتظل الدولة قائمة، ولكن ينحسر نظامها القانوني مفقدًا إياها أساسها النظري وهو سيادة الشعب، وحقه المطلق في التشريع، لتتوحَّد السلطة التشريعية والتنفيذية في كيان السلطة التنفيذية.
من أسباب صعوبة تحديد هذا التعريف أيضًا علاقته بالحرب الأهلية والانتفاضة والمقاومة، حيث تمثل الحرب الأهلية نقيضًا لماهية الحالة الطبيعية فينعدم التمييز بينها، وبين “حالة الاستثناء” التي تتخذها الدولة كرد فوري لمواجهة النزاعات الداخلية الشديدة.
الفكرة من كتاب حالة الاستثناء
يستمد القانون قوَّته من كونه إلزاميًّا، وليس ممكنًا الحياد عنه، غير أن الضرورة أحيانًا قد تدفع للخروج عليه، وبخاصةٍ حين يكون الوضع استثنائيًّا، إلا أن الدول استعملت هذه الحالة الاستثنائية كقاعدة، لا سيما أنها توفر لها مزايا ليست في الوضع الطبيعي متذرِّعة بالتهديدات والاعتداءات لفرض هذه الحالة الاستثنائية، ومستعملة إياها كفزاعة لاستمالة الشعوب للرضا بها، بل وطلبها في بعض الأحيان.
ففهم حالة الاستثناء مدخل لفهم طريقة الحكم في البلاد العربية التي تستخدم قانون الطوارئ لتكبيل شعوبها، أو تعليق اللوائح والقوانين، أو وضع تعديلات لتناسب الفئة المتحكمة، أو إصدار قانون جديد مع تعليقه، في غياب القواعد العادلة، والسلطة التشريعية التي تصدر القوانين وتراقب إصدار السلطة التنفيذية لها.
كل هذا وأكثر يدفعك إلى التعرف على حالة الاستثناء، وسماتها وتجلياتها ومعايير تحديدها، وكيف نشأت وكيف تطبق، وما حدود سيادة القانون، وما طبيعة هذه السيادة؟
مؤلف كتاب حالة الاستثناء
جورجو أغامبين Giorgio Agamben: فيلسوف إيطالي، يعدُّ أحد رواد الفلسفة الإيطالية، والنظرية السياسية الراديكالية، ولد في روما عام 1942، وأكمل دراساته في القانون والفلسفة بأطروحة دكتوراه في الفكر السياسي لسيمون ويل، مما يكشف ابتعاده عن الدراسات القانونية التقنية البحتة، وتحوُّله الواضح نحو الاهتمام بمسائل فلسفية.
درِّس في العديد من الجامعات الإيطالية، وعمل أستاذًا زائرًا في كثير من جامعات الولايات المتحدة، أشرف على ترجمة الأعمال الكاملة للفيلسوف الألماني فالتر بنيامين، ومن أهم أعماله:
رجل بلا المحتوى.
رباعية الإنسان الحرام.
اللغة والموت: مكان السلبية.
وسائل بلا نهاية: ملاحظات على السياسة.