القراءة من خلف الشاشة
القراءة من خلف الشاشة
القراءة من خلف الشاشات كما تفعل أنت الآن، لها جوانب إيجابية وجوانب سيئة، فمن ضمن جوانبها السيئة: انعدام الحاسة اللمسية في الشاشات، وسمات الإلهاء، واعتياد القراءة السطحية، إذ إن القراءة تعتبر تجربة متعددة الحواس، وهي لا تقتصر على الإبصار فقط، بل إن في لمس الكتاب الورقيّ واستيعاب ما فيه من معلومات بشكل مباشر متعة، فإذا قرأنا من خلف الشاشات فسوف يتعسّر علينا التصفح والتركيز، ناهيك بالملهيات الأخرى مما يجعل العقل يتوقف عن الانسجام مع الكتاب الذي أمامه، كما أن صغر حجم الشاشة يُضاعف المشكلة، فمن الطبيعيّ إذًا أن تتأثر مهارات القراءة بالسلب، بالإضافة إلى أن محركات البحث تجعلنا نلجأ إلى السطحية، فأصبحنا نلجأ إلى جوجل فورًا لإيجاد أي معلومة نريد أن نحصل عليها، ثم نضغط الخيار الأول ونأخذ ما نريده سريعًا، وهذا كله يضر بمهاراتنا في القراءة المتعمقة واكتساب المعرفة والتأمل والوعي.
لذا نقول بأن الجهاز الرقمي يسبب لنا الشتات في أثناء القراءة، وبدلًا من أن نكون مشغولين بالقراءة فقط، نصبح مشتتين بعشرات الأشياء الأخرى التي تخترق كل تركيزنا على الجهاز، فالقارئ الجيّد هو الذي ما يزال يُفضِّل القراءة الورقيّة ويشعر بالمتعة والراحة عند لمس الورق بيديه، وعندما أُقيمت تجربة مقارنة عند الطلّاب، وُجِدَ أنهم بالفعل قد فضّلوا التجربة التي تمكنهم من لمس الورق ومعرفة مواضع التوقف وتقليب الصفحات وشم رائحة الكتاب أيضًا!
وقد نشأت لدينا أسطورة تعدد المهام المتزامنة، وهي أن ينتبه الطفل لأكثر من شيء في الوقت ذاته، وأن يتنقل سريعًا مرارًا وتكرارًا من نشاط إلى آخر في الوقت نفسه، والحقيقة أن هذا غير طبيعي، فلا يمكن للإنسان أن يقرأ مثلًا ويرسل الرسائل ويستمع إلى الموسيقى في آن واحد، بل نحن من يُخيِّلُ إلينا ذلك، فإذا كان الطفل مثلًا يأكل الطّعام وهو يلعب ألعاب الفيديو، فإنه هكذا يؤدي أفعالًا من دون وعي أو كفاءة، ومع الأسف هذه التصرفات تهلك طاقة المخ وتقطع حبل الأفكار.
الفكرة من كتاب أطفال العصر الرقمي.. كيفية التوازن في المشاهدة الرقمية وبيان دواعي أهميتها.
كثيرًا ما تدور مشكلاتنا في الوقت الحالي حول التكنولوجيا والإفراط في استخدام الإنترنت، إذ أصبحنا نستمع في كلّ مكان إلى عبارات من قبيل: “ابني لايترك جهازه من يده” و”ابنتي لا ترغب في الجلوس معنا“، وهذه كلّها عبارات بدهيّة في ظلّ تفجّر التقنية الذي أصبح يهدد سلامة أطفالنا، بل ويصيبهم بكثير من العوائق والمشتتات!
وفي هذا الكتاب سوف نعرف المشكلة وحلّها وكيفيّة تجنّبها.
مؤلف كتاب أطفال العصر الرقمي.. كيفية التوازن في المشاهدة الرقمية وبيان دواعي أهميتها.
مارتن إل كوتشر: أستاذ سريري مساعد في طبّ الأطفال، وقد أولى اهتمامًا كبيرًا لاضطرابات الأعصاب المتنوعة والتشنّجات اللا إراديّة، ومن ضمن مؤلفاته: كتاب “تنظيم الطفل غير المنظم”، وكتاب “اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه“.
معلومات عن المترجم:
حسام الشرقاوي: ترجم عديدًا من الأعمال، من أبرزها: كتاب “دليل الأفراد مفرطي الحساسية”، وكتاب “صولات على البساط الكروي”.