لمن يكتب الكاتب؟
لمن يكتب الكاتب؟
يمر الكاتب عند الكتابة بمرحلتين، أولاهما مرحلة داخلية تشبه المخاض، وهي خاصة جدًّا لا يستطيع الكاتب الكشف عنها حتى وإن أراد لأنها لا تحدث إلا في نفسه، وفيها يخرج ما يعتمل في نفس الكاتب على شكل صور وألفاظ ملموسة، أما المرحلة الثانية فهي المرحلة الخارجية التي تبرز فيها حرفة الكاتب وخبرته، حيث يقوم بالتعديل والحذف والإضافة في ما كتبه حتى يزيل كل الشوائب التي لا تصب في مصلحة قصته، ليصل بقصته إلى الشكل الذي يرضاه.
ويذهب البعض أنه خلال المرحلة الثانية لا بد من إعطاء الكاتب الحرية الكاملة عندما يكتب، فللكاتب الحق في كتابة ما يشاء كيفما يشاء مهما بدا غريبًا أو غامضًا، وذلك عن طريق إهمال وجود المتلقي، أي أنه يكتب للكتابة ولنفسه، بينما يذهب فريق آخر إلى إعطاء كل الوجود للمتلقي، فكل ما يكتبه الكاتب موهوب للناس؛ القارئ هو المسيطر الحقيقي في تلك الحالة، فكل ما يُكتب يكون له وكل ما يحذف من النص يكون لنيل رضاه.
وفي هذا يرى الكاتب أنه في المرحلة الثانية ينبغي أن تكون -بوصفك كاتبًا- في حالة غير متأثرة بوجود القارئ، في حالة تراعي وجوده دون أن يؤثر هذا الوجود في آرائك، وللموازنة بين أن يكون كل ما تكتب لنفسك أو لنفس القارئ يطرح الكاتب طائفتين لتكتب لهما، وذلك حسب مقال للكاتب الكبير يحيى حقي، تتكون الطائفة الأولى من نادٍ أدبي يضم كبار الكتاب المعاصرين لك والسابقين لك، وتلك الطائفة تساعدك على ضمان مخاطبتك للمركب الإنساني المتمثل في هؤلاء الكُتاب، أما الطائفة الثانية فهي قومك؛ ينبغي لك مخاطبة قومك المستمرين عبر العصور ومعرفة ما يعانونه الآن وما عانوه في الماضي لتستطيع وصلهم بتراثهم حين تكتب.
الفكرة من كتاب فن كتابة القصة
تمتاز القصة القصيرة بصعوبتها مقارنة بباقي الألوان الأدبية كالرواية والمسرحية والقصيدة وغيرها، إذ إنها -على عكسهم- لا تعطي الكاتب الحرية في الوصف والتكرار ورسم الصور والأخيلة، بل تفرض عليه أن تخرج في صورة محكمة مكثفة تخلو من أقل قدر من الإسهاب أو الإطناب في السرد، ومن هنا تأتي أهمية كتاب “فن كتابة القصة”، فيضع الكاتب فؤاد قنديل تعريف القصة وعناصرها وما يفرقها عن باقي الألوان الأدبية والقواعد التي تضبط هذا الفن وتميزه.
مؤلف كتاب فن كتابة القصة
فؤاد قنديل: هو روائي مصري ولد في القاهرة بمصر الجديدة عام 1944م، حاصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة وعلم النفس من جامعة القاهرة، وعمل في شركة مصر للتمثيل والسينما عام 1962م، له ست عشرة رواية، وعشر مجموعات قصصية، وعشر دراسات وتراجم وبعض المؤلفات القصصية للأطفال، من أشهر أعماله: روايتي “رحلة ابن بطوطة” و”روح محبات”.