قرن الأزمة
قرن الأزمة
بالنظر إلى القرن العشرين، نجد تقدمًا صناعيًّا تقنيًّا علميًّا اقتصاديًّا مذهلًا، لكن بالإمعان في النظر نجد هذا القرن قد حوى أكبر حربين دمويتين عرفهما الكوكب، والمؤلم في هاتين الحربين أنهما خرجتا من رحم أكثر الأمم تحضرًا وتطورًا في ذلك الوقت، كانت هناك الستالينية التي قاتلت لتحرير الشعوب التي استعبدتها النازية، بينما النازية قاتلت البلشفية لا لتحرير شعوب الاتحاد السوفيتي بل لاستعبادها، واليابان التي استعبدت هي الأخرى شعوب النصف الآخر من العالم، ثم هيروشيما والحرب الباردة وفيتنام والجزائر، حتى ظهر العالم الثالث للوجود بفعل حركات الاستقلال، وعلى الرغم من أن هذا يعد، في ظاهره، تقدمًا فإنه يعيش في مستوًى “تحت حياتي” بسبب انتشار الأوبئة والمجاعات.
كان العالم في أزمة، أزمة قيم وأزمة حضارة وأزمة دولة، والأزمة هنا لا تنشأ فقط عند حدوث زعزعة داخل نسق ثابت، بل تنشأ عندما تتحول التحالفات إلى عداوات، وعندما تنفلت مسارات من رقابتها لتصطدم بمسارات عدائية انفلتت هي الأخرى من رقابتها، وأمامنا مثال صريح لقوتين عسكريتين هائلتين تمثلتا في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، كلتاهما تعيش أزماتها الخاصة رغم اختلاف سياستيهما ومع ذلك لا ينكر أحد التقدم الذي حققته كلتا القوتين، وهنا يستدل الكاتب أن الأزمة ليست نقيض التقدم، بل هي قرينته.
الفكرة من كتاب إلى أين يسير العالم؟
هل نحن بخير؟ ربما تخلصت الإنسانية من الأوبئة والأمراض التي أرّقت مضاجعها طيلة قرون، وربما تمكنت من غزو الفضاء واكتشاف تقنيات لعيش حياة أفضل، لقد أردت أن أخبرك أن العالم على وشك أن يصل أخيرًا إلى السلام، إلا أن هيروشيما ومعتقلات النازية والسياسة الستالينية تخبرك بغير ذلك.
قد يبدو العالم اليوم في صراع من أجل السلام، لكنه في الحقيقة في صراع من أجل البقاء، وخطته المزعومة نحو السلام قادته فقط إلى ابتكار مزيد من تقنيات التسلح وأساليب الإبادة!
فهل هذه الإنسانية التي حلمنا بها، أم إنها كانت جنينًا قُتِل عمدًا في مهده قبل أن يرى النور؟
يقدم إدغار موران في هذا الكتاب نظرته الذاتية عن القرن العشرين، ويولد مفاهيم جديدة لمصطلحات ظننا أننا نعرفها، مثل: الأزمة، والثورة، والتقدم، والحضارة، مستعينًا بخبرته التي اكتسبها من الأهوال التي عاصرها في الحربين العالميتين وفيتنام وكوبا والجزائر وغيرهم، مما انفردت به الساحة الدموية للقرن العشرين.
مؤلف كتاب إلى أين يسير العالم؟
إدغار موران: ولد عام 1921م، وهو أحد الفلاسفة وعلماء الاجتماع في فرنسا، ومدير فخري للأبحاث بالمركز الوطني للأبحاث العلمية، وصاحب نظرية التعقيد واستراتيجية الفكر المركب، وأحد المنظرين للمقاربة العبرمناهجية، ويعتبر من أهم المحللين للفكر المعاصر ولتاريخ الثقافة الأوربية والعالمية.
حاز عدة جوائز من بينها دكتوراه فخرية في عديد من جامعات دول العالم وجائزة شارل فايون للكتاب. وله عديد من المؤلفات منها:
ثقافة أوروبا وبربريتها.
هل نسير إلى الهاوية.
الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب.
عنف العالم مع جان بودريارد.
معلومات عن المترجم:
أحمد العلمي: أستاذ الفلسفة ورئيس قسمها في جامعة ابن طفيل في مدينة القنيطرة بالمغرب، وعضو هيئة تحرير مجلة مدارات فلسفية، له عديد من المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية في مجال اختصاصه.