التنبؤ بالمستقبل
التنبؤ بالمستقبل
قدم علماء استشراف المستقبل تصورًا خياليًّا عن السلام الذي ستعيشه الإنسانية خلال السنوات القادمة، واستندوا في أبحاثهم إلى دراسة الماضي والحاضر لرسم صورة مبدئية للمستقبل، وهذا ما قادهم إلى اعتقاد أن البشرية ستحصد ثمار تقدمها في القرن الحادي والعشرين، كما اعتقد رجال اقتصاد الستينيات أن المجتمع “الصناعي” و”ما بعد الصناعي” قائم على أرض صلبة، وأن التاريخ كان في نهايته، ولو اطلع هؤلاء على حاضرنا اليوم لأدركوا بشاعته.
الخطأ هنا كان باعتبار أن العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل علاقة خطية يسهل التنبؤ بها، والواقع بعيد كل البعد عن هذا الاعتقاد، فالعلاقة مركبة، والحاضر نفسه ليس محصورًا في احتمالات قليلة، بل عرضة لكل شيء، ويتأثر بالماضي، الذي لم نفهمه بعد، ويتأثر به المستقبل وهكذا، فالمستقبل يخضع للتطور الذي يعيشه الحاضر، والحاضر يحمل عوامل تقنية وديموغرافية وسياسية وأيديولوجية قد يهيمن أي منها في أية لحظة، ويتغير الواقع بتلك الهيمنة، ولو كان التطور يخضع لأحد هذه العوامل فقط، لكان من السهل التنبؤ بالمستقبل، لكن لا وجود لعامل يهيمن باستمرار، علينا التهيؤ إذًا لكل الاحتمالات، ولنفسح المجال لمصطلح “اللا يقين” في نظرتنا إلى المستقبل، فالاعتراف بهذا “اللا يقين” وحده تقدم كبير، وهو يعطي تعريفًا جديدًا لكلمة “أزمة”.
الفكرة من كتاب إلى أين يسير العالم؟
هل نحن بخير؟ ربما تخلصت الإنسانية من الأوبئة والأمراض التي أرّقت مضاجعها طيلة قرون، وربما تمكنت من غزو الفضاء واكتشاف تقنيات لعيش حياة أفضل، لقد أردت أن أخبرك أن العالم على وشك أن يصل أخيرًا إلى السلام، إلا أن هيروشيما ومعتقلات النازية والسياسة الستالينية تخبرك بغير ذلك.
قد يبدو العالم اليوم في صراع من أجل السلام، لكنه في الحقيقة في صراع من أجل البقاء، وخطته المزعومة نحو السلام قادته فقط إلى ابتكار مزيد من تقنيات التسلح وأساليب الإبادة!
فهل هذه الإنسانية التي حلمنا بها، أم إنها كانت جنينًا قُتِل عمدًا في مهده قبل أن يرى النور؟
يقدم إدغار موران في هذا الكتاب نظرته الذاتية عن القرن العشرين، ويولد مفاهيم جديدة لمصطلحات ظننا أننا نعرفها، مثل: الأزمة، والثورة، والتقدم، والحضارة، مستعينًا بخبرته التي اكتسبها من الأهوال التي عاصرها في الحربين العالميتين وفيتنام وكوبا والجزائر وغيرهم، مما انفردت به الساحة الدموية للقرن العشرين.
مؤلف كتاب إلى أين يسير العالم؟
إدغار موران: ولد عام 1921م، وهو أحد الفلاسفة وعلماء الاجتماع في فرنسا، ومدير فخري للأبحاث بالمركز الوطني للأبحاث العلمية، وصاحب نظرية التعقيد واستراتيجية الفكر المركب، وأحد المنظرين للمقاربة العبرمناهجية، ويعتبر من أهم المحللين للفكر المعاصر ولتاريخ الثقافة الأوربية والعالمية.
حاز عدة جوائز من بينها دكتوراه فخرية في عديد من جامعات دول العالم وجائزة شارل فايون للكتاب. وله عديد من المؤلفات منها:
ثقافة أوروبا وبربريتها.
هل نسير إلى الهاوية.
الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب.
عنف العالم مع جان بودريارد.
معلومات عن المترجم:
أحمد العلمي: أستاذ الفلسفة ورئيس قسمها في جامعة ابن طفيل في مدينة القنيطرة بالمغرب، وعضو هيئة تحرير مجلة مدارات فلسفية، له عديد من المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية في مجال اختصاصه.