الإنفاق التنافسي
الإنفاق التنافسي
رغم الاستياء القوي في المناقشات الفكرية من شيوع ثقافة الاستهلاك، فإن كثيرًا من الشعوب ما زالت تحت عبودية النظام الاقتصادي الذي يدعو إلى المتعة والاستهلاك، إذ أصبحت العادات الاستهلاكية تمثل نمطًا معبرًا عن هوية الفرد وتدل على وضعه الاجتماعي والاقتصادي.
نشأ عن ذلك ما يمكن تسميته بالاستهلاك التنافسي، الذي يحقق فيه المستهلك الرضا بناء على علاقة استهلاكه بمستوى استهلاك الآخرين، وقد كان هذا الاستهلاك التنافسي في الماضي يتعلق بمحاولة مواكبة الأمور إذ كان الأمر يقتصر على رؤية أنماط استهلاكية لطبقات مشابهة، كأهل الحي الذي يعيش فيه الفرد، إلا أنه تحول إلى نزعة استهلاكية مقصودة لذاتها تتميز بزيادة التطلعات، فحل محل أهل الحي رواد الأعمال، وسبب هذا التحول إلى النزعة الاستهلاكية ما أتاحته وسائل الإعلام من مشاهدة لعوالم أخرى تتعلق بطبقات لم يكن يراها معظم أفراد المجتمع، وأصبحت في ما بعد رموزًا ثقافية تعبر عن المجتمع كله، كـ”بيل غيتس” وغيره.
نشأت بعد ذلك فجوة التطلع، نتيجة لزيادة الفارق في الدخل بين الفرد العادي في المجتمع وهذه الرموز الثقافية، بالإضافة إلى زيادة اعتقاد الناس أن الحياة المادية يمكن أن توفر لهم المتعة وسيطرة الشركات التي تتعلق مصالحها ببقاء هذه الثقافة، ونشأت عن ذلك هزيمة للذات الإنسانية تحت وطأة المنتجات الاستهلاكية، وضغط متزايد وسعي دائم لمواكبة الحصول على السلع، مع عدم ارتياح مستمر لأن هناك دومًا ما لم تستطع الحصول عليه بعد.
الفكرة من كتاب ثقافة الاستهلاك: الاستهلاك والحضارة والسعي وراء السعادة
أن تملك أو لا تملك هو جوهر النزعة الاستهلاكية في أمريكا ومحرك الرأسمالية الغربية، إذ يعتمد 90% من قوة العمل الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشر على الأعمال التجارية التي تنتج السلع والخدمات الاستهلاكية، وهو ما يشكل معظم دخل البلاد والعمل بداخلها.
تصاحب هذه الثقافة الاستهلاكية حالة من عدم السعادة، نتيجة التطلع لما هو غير موجود، فنرى أشياء لم تكن للبيع من قبل صارت تباع، مع قلة في الأعمال الجادة، وتعزيز لنظام الفوارق بين الطبقات، وبيع ما يجلب المال بدلًا من بيع ما يحتوي قيمة حقيقية، واستهلاك دائم للطبيعة وسعي للتفوق عليها.
فما طبيعة هذه الثقافة الاستهلاكية؟ وما أسباب شيوعها؟ وما مدى تأثيرها في جوانب الحياة المختلفة؟ وهل يمكن التغلب عليها أم إنها أصبحت واقعًا لا مفر منه؟ يحاول الكتاب الإجابة عن هذه التساؤلات في مجموعة من المقالات لعدد من الكتاب تتضمن رؤية وتحليلًا لجوانب مختلفة في المجتمع تتعلق بهذه الثقافة الاستهلاكية.
مؤلف كتاب ثقافة الاستهلاك: الاستهلاك والحضارة والسعي وراء السعادة
روجر روزنبلات: أستاذ اللغة الإنجليزية والكتابة المتميز في جامعة ولاية نيويورك ستوني بروك / ساوثهامبتون، حصل على درجة الدكتوراه في الكتابة الإبداعية من جامعة هارفارد، له مؤلفات ومسرحيات عدة، منها مسرحية “فري سبيس في أمريكا” التي صنفت واحدة من أفضل عشر مسرحيات لعام 1991 في التايمز.
معلومات عن المترجم:
ليلى عبد الرازق، أستاذة اللغة الإنجليزية والترجمة الفورية بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، ترجمت العديد من الكتب العربية إلى اللغة الإنجليزية، من ضمنها كتاب شخصية مصر للدكتور جمال حمدان.