الاتجاهات المعاصرة في البنية الموضوعية
الاتجاهات المعاصرة في البنية الموضوعية
إن فرع السياسة المقارنة، يتعامل مع ظواهر واقعية، فهو يسعى إلى تقديم أطر نظرية ووسائل منهجية قادرة على فهم الواقع وتحليله وتفسيره، فتتغير بنية حقل السياسة المقارنة بتغير الواقع السياسي، لذا يعد التغير في البنية الموضوعية أساسيًّا في إحداث تغييرات متوالية في بنيته النظرية والمنهجية كذلك، وقد تعددت الأقوال في الموضوعات التي تهتم بها السياسة المقارنة، فمن تلك الموضوعات: إعادة طرح موضوع الديمقراطية المباشرة في ضوء ثورة المعلومات، فقد أدى انتشار الإنترنت إلى سرعة التواصل مع المواطن في أي مكان، إذ أصبح من السهل النقاش وإبداء الآراء من خلال وسائل التواصل الحديثة، فأصبح قبول الرأي العام، أهم من البرلمانات نفسها، مما دفع السياسة المقارنة إلى مراجعة تتعلق بالأحزاب السياسة، ومجالس التشريع، وهيئات الحكم والإدارة المحلية، كما طرحت قضية تأثير وسائل الإعلام على تشكيل اختيارات المواطن وتوجيهه.
ومن موضوعاتها أيضًا طرحها لقضايا التحول الديموقراطي، فقد بدأت تحولات في نموذج الحكم في العقدين الأخيرين من القرن العشرين لتبني الديمقراطية، مما دفع الباحثين في السياسة المقارنة إلى إعادة تصنيف الدول طبقًا لدرجتها الديمقراطية، إلا أن هذا التحول الديمقراطي لم يكن في مجمله متناغم العناصر، إذ يتصادم مع عوامل أخرى عدة كالعولمة، إذ إن العولمة تدفع اقتصاد دول العالم الثالث إلى الانهيار.
كما أن عملية التحول الديمقراطي لا ترتبط بالتغيرات الداخلية فحسب، بل تتأثر كذلك بالتغير الخارجي كما هو الوضع في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى أن امتزاج التقاليد السلطوية بالديمقراطية يؤثر فيها بالسلب كما هو موجود في أمريكا اللاتينية.
كما أن عملية التحول الديمقراطي لا ترتبط بالتغيرات الداخلية فحسب، بل تتأثر كذلك بالتغير الخارجي كما هو الوضع في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى أن امتزاج التقاليد السلطوية بالديمقراطية يؤثر فيها بالسلب كما هو موجود في أمريكا اللاتينية.
الفكرة من كتاب الاتجاهات المعاصرة في السياسة المقارنة: التحول من الدولة إلى المجتمع ومن الثقافة إلى السوق
إن الحديث عن السياسة المقارنة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحديث عن علم السياسة ذاته، إذ يسعى إلى خلق نهضة في علم السياسة من خلال خلق أطر جديدة لتوسيع حدود علم السياسة، وتعتبر السياسة المقارنة مستودع المفاهيم والنظريات وطرائق البحث ومناهجه، التي تحدد طبيعة علم السياسة ومجاله ونطاق دراسته في أية مرحلة من مراحل تطوره، فهو يدور حول المواضيع ذاتها التي يدور حولها علم السياسة، مثل: من يحكم؟ وعدد الحكام؟ ولمصلحة من يكون الحكم؟
فالفرق بين علم السياسة والسياسة المقارنة، هو أن السياسة تعالج الموضوعات في فروعها المختلفة من زاوية ماهيتها وجوهرها، بينما يتناولها علم السياسة المقارنة من زاوية البحث عن أوجه الشبه والاختلاف بين النظم والكيانات والظواهر السياسية المتباينة، فينبغي تقييم حقل السياسة المقارنة من خلال منهجه، أكثر من موضوعه.
يتناول الكاتب دراسة التطور في حقل علم السياسة المقارنة، فنبدأ بتقديم رؤية كلية لحالة العلم، ومن ثم دراسة المحددات المعرفية والواقعية النابعة من الظاهرة السياسية ذاتها، لأن أي تغيير يطرأ على الظاهرة السياسية يؤثر في تطور حقل السياسة المقارنة، ومن ثم سنتناول الاتجاهات المعاصرة لحقل السياسة المُقارنة، سواءً على مستوى البنية المنهجية، أو البنية الموضوعية.
مؤلف كتاب الاتجاهات المعاصرة في السياسة المقارنة: التحول من الدولة إلى المجتمع ومن الثقافة إلى السوق
نصر محمد عارف: تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة عام ١٩٩٥م بمرتبة الشرف، عُيّن معيدًا بجامعة القاهرة إلى أن وصل إلى رتبة أستاذ مشارك، كما أنه أستاذ العلوم السياسية بجامعة زايد، وله عديد من المؤلفات، ومنها:
التنمية من منظور متجدد التميز، العولمة، وما بعد الحداثة.
الأبعاد الدولية للاستبداد السياسي في النظم العربية.
أزمة الأحزاب السياسية في مصر: دراسة في إشكاليات الوجود والشرعية والوظيفة.