هل القمع كارثة؟
هل القمع كارثة؟
عرفت اليابان القمع لفترات طويلة، وحتى بعد الحرب العالمية الثانية لم تختفِ جميع مظاهر القمع في الحياة الاجتماعية، ولكنهم اجتازوا مسافة طويلة للتحرر من رواسب القمع التي ورثوها عن أجدادهم، فلقد تعلم المواطنون اليابانيون دروسًا لن ينسوها جراء الحرب العالمية الثانية ولا يريدون للعرب أن يقعوا فيها مثلهم، ومما تعلموه أن القمع يؤدي إلى تدمير الثروة الوطنية، وقتل الأبرياء، كما يؤدي إلى انحراف السلطة عن الطريق الصحيح، والدخول في الممارسات الخاطئة، وعندما وعى اليابانيون خطأهم، عملوا على تصحيحه وهذا بالطبع احتاج إلى سنوات طويلة وتضحيات كثيرة، فكان عليهم معرفة قيمة النقد الذاتي لإيجاد طريقهم في إصلاح الأخطاء، كما أنهم عرفوا وفهموا أخطاءهم في الحرب العالمية الثانية إذ استعمروا شعوبًا آسيوية كثيرة، وما فعلته معهم أمريكا كان مقترنًا بالأخطاء التي ارتكبوها في الحرب العالمية الثانية وقبلها، ولذا لم يكره اليابانيون أمريكا كما يظن العرب، ولكنهم نجحوا إلى حد كبير في تصحيح المسار، وهذا ما يرغب الكاتب من العرب فعله.
وعندما رأى الكاتب العالم العربي وجد أنه ما زال غارقًا في القمع، وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه وطنه، فالقمع داء عضال في المجتمع العربي، وأحد أسباب القمع الرئيسة هو “الخوف” فتجد البلدان العربية يخيم عليها خوف كبير، والحكومات تروج للخوف، وتستغله للاستفادة منه على حساب الآخرين، وذكر الكاتب تجربته في أحد مطارات الدول العربية التي توضح عدم المسؤولية، فقد توجه إليه أحد العاملين بالمطار وطلب منه مئة درهم فأعطاها له ظنًّا منه أنها من رسوم الدخول، ولكن بعدها وجد عاملًا آخر يوبخ ذلك العامل بأن ما فعله خطأ، ومع ذلك لم يعد إليه أي منهما أمواله، وهنا قال الكاتب إنه يتفهم أن يوجد موظف يستغل وظيفته لصالحه، ولكنه لا يفهم لماذا لا يحاسب ذلك الموظف حينما يُكتشف فساده.
الفكرة من كتاب العرب وجهة نظر يابانية
كل دولة لها تاريخ وثقافة وعادات تختلف من دولة لأخرى، وفي كتابنا اليوم سنرى مصر والعالم العربي من وجهة نظر أخرى، ألا وهي كيف يرى اليابانيون مصر والعالم العربي، ولا شك بأنه موضوع مثير وحماسي أن نرى أنفسنا في عيون الآخرين، فهذا يُظهر بعض العيوب الموجودة التي ربما تغيب عنا، ولكن لا يجب أن ننظر إليها على أنها تقليل من أنفسنا بقدر ما هي انتقاد صادق، فكل الدول لديها عيوب ومميزات، وإن لم تعرف عيوبها وتعمل على حلها لن تتقدم.
ولذا سنعرف معًا في هذا الكتاب كيف يرانا الكاتب، كونه أجنبيًّا عاش في البلدان العربية لأربعين عامًا، وما آراؤه تجاه عاداتنا، وتقاليدنا، وممارستنا الحياة بشكل عام، كما سيتحدث عن ريف مصر، وبدو الصحراء وما استفاد منهم، وسيذكر أهم الكتاب العرب والمصريين الذين أثروا ثأثيرًا عميقًا في حياته. والآن اربطوا الأحزمة واستعدوا للانطلاق في رحلةٍ حماسيةٍ مثيرة تسرق الألباب، وتفتِِح العقول والأذهان.
مؤلف كتاب العرب وجهة نظر يابانية
نوبوأكي نوتوهارا: وُلد نوبوأكي نوتوهارا عام 1940 في اليابان، وهو عالم ياباني في الأدب العربي، درس اللغة العربية وعلومها في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية، وفي عام 1974 انتقل إلى القاهرة ليكمل دراسته بها، أحب الأدب العربي ولذا قام بتوصيله إلى الشعب الياباني عن طريق ترجمة العديد من الروايات والقصص العربية إلى اليابانية، وكانت أول ترجماته رواية «عائد إلى حيفا» لغسان كنفاني، وبعدها «الأرض» لعبد الرحمن الشرقاوي، و«الحرام»، و«أرخص ليال»، و«العسكري الأسود» للدكتور يوسف إدريس، و«تلك الرائحة» لصنع الله إبراهيم، و«الخبز الحافي»، لحمد شكري. ولقد عايش نوبوأكي نوتوهارا العرب نحو 40 عامًا، وتنقل بين المدن العربية المختلفة، وفي عام 2003 كتب هذا الكتاب عن انطباعاته عن العرب. وله مؤلفات أخرى مثل: “أين المصريون؟” الذي نُشر باللغة اليابانية.