رحلة داخل ذاكِرته
رحلة داخل ذاكِرته
هناك بعض الخرافات التي يتمُّ تناقلها بين الناس بخصوص الذاكرة، أولاها: أن الذاكرة خزانة ملفات عقلية، والحقيقة أنها ليست كذلك، بل إنها تعتمد بشكلٍ أساسي على الروابط، فعادةً لا يمكن استدعاء الذِّكرى إلا في وجود محفِّز لذلك (فكرة أو شعور أو صورة)، وثانيتها: أن الذاكرة مثل آلة تصوير فوتوغرافي، وهذا مناقض للواقع، حيث إن الذكريات ليست طبق الأصل لما وقع حقيقةً في الماضي، وإنما تتأثَّر بالحالة الذهنية الماضية والحاضرة، هناك في الحقيقة نوعان من الذاكرة، وهما: الذاكرة الضمنية، وهي التي تساعد على إتمام فعل بشكلٍ تلقائي دون الحاجة إلى الاسترجاع المستمر للخطوات، والذاكرة الصريحة وهي التي تختص بالقدرة على استرجاع وترتيب الخطوات بشكلٍ واضح، لذا في حالة صدور فعل غير متوقع من الطفل بشكلٍ مفاجئ على غير المنوال القديم له، فيجب على الوالدين مساعدته على الوصول إلى ذاكرة الطفل الضمنية للوصول إلى السبب الحقيقي وراء هذا التصرف المُفاجئ الذي ينتج دون وعيٍ من الطفل بسببه الحقيقي،
وتكمن مشكلة الذاكرة الضمنية في المواقف القاسية أنه حين لا يتم التفطُّن إليها فإنها تصبح بمثابة لغم أرضي يمكنه الانفجار في أي لحظة، لذا يجب العمل على إنارة هذا الجانب من الذاكرة وتحويل الذاكرة الضمنية إلى ذاكرة صريحة، ويمكن ذلك من خلال استخدام الاستراتيجيتين التاليتين؛ الأولى: إعادة تشغيل الذكريات، ويتم ذلك عن طريق سرد القصص، فهي من أكثر الطرق فاعلية في دعم عملية دمج العواطف مع المنطق (المخ العلوي والسفلي)، وأيضًا دمج الذكريات الضمنية والصريحة في متسلسلة منطقية للطفل، والاستراتيجية الثانية: جعل التذكُّر جزءًا من حياة الأسرة اليومية، ذلك لأن الذاكرة تنشط بالاسترجاع والممارسة كبقية وظائف المخ، فاجتماع الأسرة وتحفيز الأبناء بشكلٍ دوري على سرد قصصهم يساعد على دمج الذكريات الضمنية والصريحة بشكلٍ كبير، وفي المقابل أيضًا يمكن للوالدين أن تتداخل ذكرياتهم الضمنية والصريحة، ما يجعلهما يتصرَّفان بطريقة لا يرغبان التصرُّف بها، لذا فإن اكتساب البصيرة بشأن تأثير الماضي في الحاضر من أهم المهارات التي يجب على الوالدين التحلِّي بها.
الفكرة من كتاب طفل المخ الكامل: 12 استراتيجية ثورية للعناية بالمخ النامي لطفلك
هذا الكتاب رحلة داخل عقل طفلك وطريقة تفكيره، ويعتمد بشكلٍ رئيس على مدى إمكانية تطبيق الفلسفات التربوية وطرقها بمنأى عن التنظير البعيد عن الواقع، من خلال الاعتماد على المحاور الأساسية لعملية التربية (أنت وطفلك والآخرون)، ويكون ذلك التطبيق حاصِل طوال اليوم العادي بأنشطته المُتَوقَّعة وغير المُتوقَّعة، وهو يعدُّ بمثابة ساحة تربوية متكامِلة من خلال التمثيل المباشر، أو الوعظ الذي يصحبه قيمة حقيقية يُعاينها الطفل، ويدمج هذا الفهم والتعمُّق داخل دماغ الطفل محاولة الوالدين في تطبيق استراتيجيات المخ الكامل عليهما أيضًا في عملية تربوية شاملة، ومتكاملة.
مؤلف كتاب طفل المخ الكامل: 12 استراتيجية ثورية للعناية بالمخ النامي لطفلك
دانيال جيه. سيجل: طبيب وعالم نفس، وُلِد في الثاني من سبتمبر عام 1957م بالولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على دكتوراه في الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا، ويعمل مُحاضرًا في نفس الجامعة التي تخرج فيها.
تينا باين برايسون: مُعالِجة نفسية ومؤسسة لمعهد play strong الذي يدعم فلسفة المُعالجة النفسية باللعب، تخرَّجت في جامعة بايلور، وحصلت على الدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا.
اشتركا أيضًا في تأليف كتاب “قوة الحضور: كيف يشكل حضور الأبوين شخصية أطفالنا وطريقة تفكيرهم”.