المُخ ومن دونِه
المُخ ومن دونِه
يمتلك أغلب الآباء الواعين بدورهم معلومات كثيرة عن الرعاية الصحية والبدنية لأطفالهم، غير أن الأغلب يفتقر إلى كيفية العناية العقلية بهم، ففي النموذج الشائع الذي يحصُل إذا مر طفلٌ بموقف عصيب، محاولة الآباء تشتيت ذهن الطفل حتى ينسى ذلك الحادث الأليم في حين أن التركيز على سرد الحدث يساعده على فهم عواطفه والتعامل معها، ومعالجة الحدث بشكلٍ صحيح وواقعي، ويحدث هذا التفاعل ضمن عملية الدمج، حيث إن هذه العملية تعمل على تنسيق وموازنة المناطق المنفصلة من المخ وربطها معًا، حيث يتم الدمج بين العاطفة المتمثلة في جانب المخ الأيمن، مع المنطق في جانب المخ الأيسر، مما يُكسِب الطفل مهاراتٍ تساعده على ضبط انفعالاته وتعامله مع الواقع المحيط، وقد دلَّت هذه العملية على إمكان النمو الحقيقي للمخ مع المرور بالخبرات والمواقف الحياتية من الجانب المعنوي، والجانب المادي في المخ يمكن الاعتناء به وبنموه أيضًا عن طريق الغذاء والنوم والاستخدام المستمر، وهذا لا يتعارض مع الثبات الفطري للطبيعة الأصيلة للطفل، فالطفل الانطوائي على سبيل المثال يمكن تحفيزه من خلال تقديم الاستكشافات الداعِمة له، وغالبًا لا تختفي هذه الصفة لكنها في المقابل تقل بدرجة كبيرة، ما يدل على تغيير حقيقي في نمو دماغ الطفل بشكلٍ عميق، لذا فكل ما يحدث للطفل شيءٌ مؤثر في طريقة نمو مخه، والحياد عن الدمج إما يصل بالطفل إلى حد الفوضى، أو الجمود، ومقياس مدى قدرة الطفل على الدمج بين جانبي المخ، يساعد على استخدام الاستراتيجية المناسبة لمساعدة الطفل على النمو بشكلٍ سليم، ومن هذه النظرية يمكن التوصُّل إلى استراتيجيتين أساسيتين؛ الأولى: ركوب الموجات العاطفية، أي إنه في حالة سيطرة الجانب الأيمن من المخ وانفعال الطفل، فلا سبيل ذا قيمة حقيقية إلا من خلال التواصل مع عاطفته، وعدم محاولة تحكيم الجانب الأيسر الخاص بالمنطق إلا عندما تهدأ الموجة بعد مساعدته على الشعور بمشاعره.
والثانية: سرد القصص لتهدئة العواطف الجياشة، وهذه الاستراتيجية تعتمد على إعادة سرد قصة التجربة المخيفة أو المؤلمة في مقابل إعطاء اسم أو عنوان لما شعر به الطفل أثناء هذهِ الحوادث، مما سيساعده بشكلٍ كبير على تهدئة الدوائر العاطفية في جانب مخه الأيمن.
من المهم وضع الآباء أنفسهم في مجال الإصلاح والمُراقبة كما يتم مع الأطفال لأن من أفضل الطرق التي يحصل بها الطفل على تعزيز الدمج هي أن يكون الوالدان لديهما القدرة على فعل ذلك.
الفكرة من كتاب طفل المخ الكامل: 12 استراتيجية ثورية للعناية بالمخ النامي لطفلك
هذا الكتاب رحلة داخل عقل طفلك وطريقة تفكيره، ويعتمد بشكلٍ رئيس على مدى إمكانية تطبيق الفلسفات التربوية وطرقها بمنأى عن التنظير البعيد عن الواقع، من خلال الاعتماد على المحاور الأساسية لعملية التربية (أنت وطفلك والآخرون)، ويكون ذلك التطبيق حاصِل طوال اليوم العادي بأنشطته المُتَوقَّعة وغير المُتوقَّعة، وهو يعدُّ بمثابة ساحة تربوية متكامِلة من خلال التمثيل المباشر، أو الوعظ الذي يصحبه قيمة حقيقية يُعاينها الطفل، ويدمج هذا الفهم والتعمُّق داخل دماغ الطفل محاولة الوالدين في تطبيق استراتيجيات المخ الكامل عليهما أيضًا في عملية تربوية شاملة، ومتكاملة.
مؤلف كتاب طفل المخ الكامل: 12 استراتيجية ثورية للعناية بالمخ النامي لطفلك
دانيال جيه. سيجل: طبيب وعالم نفس، وُلِد في الثاني من سبتمبر عام 1957م بالولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على دكتوراه في الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا، ويعمل مُحاضرًا في نفس الجامعة التي تخرج فيها.
تينا باين برايسون: مُعالِجة نفسية ومؤسسة لمعهد play strong الذي يدعم فلسفة المُعالجة النفسية باللعب، تخرَّجت في جامعة بايلور، وحصلت على الدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا.
اشتركا أيضًا في تأليف كتاب “قوة الحضور: كيف يشكل حضور الأبوين شخصية أطفالنا وطريقة تفكيرهم”.