المعنى في العبودية
المعنى في العبودية
أكدنا أن غائية الوجود أو وجود المعنى احتياج فطري للإنسان وذلك لتناقضات عدة فيه وفي العالم سبق شرحها، والإجابة لا تنتمى إلى عالمنا بل هي وحي منزل من الله تعالى، لا تنفي الآلام كما وعدت الحداثة كذبًا، بل تسهل من تحملها، لأنه مع معرفة المعنى من حدوث المصائب والفقد يسهل نفسيًّا تحملها، ليقين الفرد بأن هناك جزاءً أو أن هذه الحالة ليست هي المشهد الأخير، فحتى الموت بوابة لمستقبل أبدي من دون نقائص دنيوية، وعلينا الأمل في حالنا بعد الموت. ولا يوجد الفرد أو المشاعر أو الفن في المركز، بل هو الله عز وجل، هو البداية والنهاية وأصل كل شيء.
الله الذي بدأ الخلق ثم أنزله لتبدأ مرحلة أخرى تنتهي بالموت متبوعة بالجزاء، وينقسم الزمن هنا إلى قسمين، الأول هو الماضي وهو منذ بداية الخلق وحتى الموت، والثاني زمان الإنسان، حاضره الذي يتحرك نحو مستقبله وعليه يحاسب، وترتكز السردية على التعريف بالله تعالى، أسمائه وصفاته وأفعاله، بجانب إعلام الخلق بالصراط المستقيم والحساب، وبيان حال وكيفية الوصول عند الله، وأن الغاية الواضحة المباشرة من الخلق هي العبادة وحمل الأمانة، وأن الدنيا فانية قصيرة والآخرة حتمية.
من منظور علماني للدين، يمكن أن نقسمه إلى ممارسات وطقوس وما هو مقدس وغير ذلك، ولكنه كل متكامل، ولا ينحصر الدين في المعنى فقط، بل إن له دورًا تشريعيًّا واجتماعيًّا وغيرها من الأدوار، وعلى أفراده أن يحققوا العبودية حسب إرادة الله لا حسب رغباتهم، وهو ما سيهون عليهم الدنيا وآلامها، فالنصوص المعالجة لتلك الآلام لا تنفيها أو تعد بحلها أو باختفائها، بل تؤكد باستمرار على طبيعتها الآنية، وتقوي من يقين المسلم لتصغر في عينيه.
الفكرة من كتاب معنى الحياة في العالم الحديث
من منا لم يتوقف ويطرح السؤال التالي على نفسه، ما المعنى أو الجدوى لما يحدث لي؟ خصوصًا عندما تؤلمنا خسارة أحد الأحبة، أو نفقد شيئًا عزيزًا، أو نكابد المعاناة والمشقة في قرارات واختيارات معيشية، ومهما حاولنا تهميش هذا السؤال أو تجاهل ضرورته، نجد النفس تتطلع بشوق حارق لمعرفة العالم وفهمه، واستخراج الجدوى والمعنى من أحداثه.
هذا السؤال قد يمثل مأزقًا لكثيرٍ منا؛ حتى لو كنت ممن يمتلكون الإجابة ظاهريًّا فمن المحتمل أنك لا تستحضرها عند الأزمات، لنقص في اليقين أو لانغماس في ملهيات ومشتتات حديثة، ولكن مهما مر الوقت فإن سؤال المعنى يقفز من جديد أمامك، سنعرف لم قد يمثل السؤال أزمة حقيقية في العصر الحديث، ولماذا تتجاهله الفلسفات والنظريات الحداثية الغربية، وما آثار ذلك التجاهل في الإنسان في حياته اليومية، وفي نهاية الطريق سوف نحصل على إجابة شاملة من الوحي.
مؤلف كتاب معنى الحياة في العالم الحديث
عبدالله الوهيبي: كاتب سعودي الجنسية، حصل على الماجستير في الثقافة الإسلامية، وهو باحث في العلوم الشرعية والإسلامية، اهتم في كتاباته بنقد الحداثة وتوضيح علاقتها بالأوضاع المعيشة المعاصرة، من أشهر كتبه:
التبرج الُمسيّس.
حول الاستشراق الجديد.