أنت لست محور الكون
أنت لست محور الكون
هناك أشخاص يستمدون إحساسهم بأهميتهم من كراهية بعض الناس وحقدهم عليهم، ولكن ما مصدر هذا الإحساس؟
تشير بعض الدراسات إلى أن هؤلاء الأشخاص في الغالب استقبلوا رسائل نفسية في صغرهم تفيد بأنهم غير مهمين، وغير مفيدين، وأنهم لن يحصلوا على الحب إلا بعد أن يفعلوا كذا، أولئك الأشخاص عندما يكبرون إما أن يصمدوا أمام هذه الرسائل، فيصابون بأمراض كاضطرابات الشخصية أو القلق، وإما أن ينهاروا أمامها فيصابون بالجنون أو “الفصام”، ويتخيلون أشخاصًا يكرهونهم ويدبرون لهم المكائد ويتمنون موتهم، لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي سيشعرهم بأهميتهم وقيمتهم.
عندما ننظر إلى الآباء والأمهات الذين كانوا سببًا في الأذى والتشوه النفسي الذي عانى منه أبناؤهم، نُصدر أحكامًا قاسية بشأنهم، دون أن ندرك الوجه الآخر المظلم للصورة، بأن هؤلاء تعرضوا أيضًا لرسائل مؤذية وتربية مشوهة من قبل والديهم وهكذا دواليك، ويجد بعض المرضى صعوبة في تصديق هذا الشيء في بداية الأمر، فيعبرون عن انفعالاتهم بالغضب والرفض لهذه الحقيقة، ولكن بمجرد أن يدرك الفرد هذه الحقيقة سيكون أمام خيارين؛ إما أن يقرر الاستمرار في تصديق هذه الرسائل، وإما أن يقرر إيقاف هذه السلسلة المتعاقبة من الأجيال البائسة التي تورث لأولادها رسائل نفسية مشوهة. فالمرض النفسي يمكن أن يكون قرارًا تصنعه أنت بنفسك.
وفي الحقيقة، لا تعالج المشكلات النفسية، مهما تقدم العلم وزادت الأبحاث، بالأدوية والعقاقير ومضادات الاكتئاب، بل بوجود شخص، ولو واحد فقط، يحبك ويتقبلك بلا شروط، ودون أن يشعرك أنه واجب عليك أن تتغير، هو الحاجز الوحيد ضد أي مرض نفسي.
الفكرة من كتاب علاقات خطرة
الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، فهو في حاجة دائمة إلى التواصل وتكوين علاقات مختلفة مع أفراد المجتمع، يمكن أن تكون هذه العلاقات أحد أهم الأسباب للسعادة والراحة النفسية والجسدية، ويمكن أن تكون سببًا في الذبول الروحي والشيخوخة المبكرة.
إذًا، يعتبر تكوين العلاقات الإنسانية العملية الأخطر والأصعب على الإطلاق، لأنها قد تحلق بنا في أعالي السماء، أو تهبط بنا إلى الأرض، لذا، من المهم أن نتعرف أشكال العلاقات المؤذية التي تشوهنا، لكي نتجنبها، ونسعى للبحث عن العلاقات الصحية التي ستسمو بأرواحنا، وتُعيننا على تقبل مشقات الحياة.
ولكن، قبل أن نتعرف على أنواع العلاقات وأشكالها، يأخذنا الكاتب في جولة في أعماق النفس البشرية، لنكتشف أن أول علاقة يكونها الإنسان في حياته هي علاقته بنفسه وبجسده، وبفهمنا لطبيعتنا النفسية يتحقق فهمنا لطبيعة مشاعرنا تجاه الآخرين، وكيف أن الاضطراب في هذه المشاعر قد يؤدي إلى نكوصنا في تاريخنا النفسي إلى الخلف، بحثًا عن لحظات الأمان والحب.
لندرك بعد ذلك أن الشفاء يكمن في تقبل النفس بضعفها واحتياجاتها، وفي شجاعة الخروج من الصناديق التي سُجنت فيها عقولنا من قبل المجتمع والعُرف والعادات والتقاليد، لنكون أنفسنا التي نريد وليست التي أُجبرنا على أن نكونها، ونترك أثرنا، وعندها فقط سنتمكن من العثور على العلاقة الصحية التي هي إكسير الحياة.
مؤلف كتاب علاقات خطرة
محمد طه: هو كاتب واستشاري طب نفسي مصري، نشأ في مغاغة بمحافظة المنيا، تخرج في كلية طب المنيا تخصص الطب النفسي، ثم حصل على الدكتوراه من إنجلترا في تخصص الطب النفسي.
عمل على تحضير ورقة بحثية في تحليل المجتمع المصري من خلال الشعارات المكتوبة على الميكروباصات والتكاتك، ونُشر أول كتاب له عام 2016 تحت عنوان “الخروج عن النص”، ونُشرت له لاحقًا ثلاثة مؤلفات أخرى وهي: “علاقات خطرة” و”لأ بطعم الفلامنكو” و”ذكر شرقي منقرض”.