من أنت؟
من أنت؟
إن بداخلك ثلاث شخصيات تظهر كل منها في مواقف مختلفة، ولكل شخصية منها ما يميزها في طريقة التصرف، وطريقة الكلام، وردود الأفعال.
الشخصية الأولى منها هي شخصية “الطفل”، وترى هذه النسخة منك النور في المواقف التي يغيب فيها العقل أو الحكمة، ولها ثلاثة أشكال هي: “الطفل الحر” الذي يظهر في وقت المرح واللعب، ويتصرف بعفوية مطلقة دون التفكير كثيرًا في ما يقوله أو يفعله، يفكر ويستوعب بمرونة دون عصبية أو تشنجات، و”الطفل المذعن” الذي يظهر في الأوقات العصيبة، ويتصرف بخوف وقلق، ولا يعترض على شيء، ويتقبل الأوامر بإذعان، والشكل الأخير هو “الطفل المتمرد”، وهو عكس الذي يسبقه فهو يعترض على كل شيء، ويكون في الغالب عنيدًا وصعب الانقياد.
الشخصية الثانية هي “الوالد”، وتظهر هذه النسخة في الأوقات التي تستدعي السلطة والمسؤولية والنصيحة، وتتأثر هذه النسخة منك بكل شخص كان يمثل لك الوالد في طفولتك، ولها شكلان: “الوالد الراعي” الذي يلبس الشخص ثوبه في المواقف التي يحتاج فيها الطرف الآخر إلى الإصغاء الجيد وإعطاء المشورة أو النصيحة، وتتميز هذه الشخصية بالعطف والحنان وسعة الأفق، والشكل الثاني لها هو “الوالد الناقد” الذي يظهر في حالات الغضب والقسوة، فهي تُصدر الكثير من الأوامر، كما أنها كثيرة اللوم، ولا تقبل المناقشة.
أما النسخة الثالثة منك فتسمى (الأنا الراشدة Adult Ego State)، وتظهر هذه النسخة منك في المواقف التي تستدعي تحكيم العقل بعيدًا عن المشاعر والانفعالات، وتتصف هذه الشخصية بالحكمة والهدوء والحيادية.
بإدراكك لهذه النسخ الثلاث من نفسك ومن الآخرين، ستتمكن من فهم النسخة التي يتحدث بها الآخر في موقف ما، واستدعاء النسخة المناسبة لها من نفسك وتوظيفها بشكل يناسب الموقف، لكي تتمكن من تحقيق التواصل الفعال في النهاية.
الفكرة من كتاب علاقات خطرة
الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، فهو في حاجة دائمة إلى التواصل وتكوين علاقات مختلفة مع أفراد المجتمع، يمكن أن تكون هذه العلاقات أحد أهم الأسباب للسعادة والراحة النفسية والجسدية، ويمكن أن تكون سببًا في الذبول الروحي والشيخوخة المبكرة.
إذًا، يعتبر تكوين العلاقات الإنسانية العملية الأخطر والأصعب على الإطلاق، لأنها قد تحلق بنا في أعالي السماء، أو تهبط بنا إلى الأرض، لذا، من المهم أن نتعرف أشكال العلاقات المؤذية التي تشوهنا، لكي نتجنبها، ونسعى للبحث عن العلاقات الصحية التي ستسمو بأرواحنا، وتُعيننا على تقبل مشقات الحياة.
ولكن، قبل أن نتعرف على أنواع العلاقات وأشكالها، يأخذنا الكاتب في جولة في أعماق النفس البشرية، لنكتشف أن أول علاقة يكونها الإنسان في حياته هي علاقته بنفسه وبجسده، وبفهمنا لطبيعتنا النفسية يتحقق فهمنا لطبيعة مشاعرنا تجاه الآخرين، وكيف أن الاضطراب في هذه المشاعر قد يؤدي إلى نكوصنا في تاريخنا النفسي إلى الخلف، بحثًا عن لحظات الأمان والحب.
لندرك بعد ذلك أن الشفاء يكمن في تقبل النفس بضعفها واحتياجاتها، وفي شجاعة الخروج من الصناديق التي سُجنت فيها عقولنا من قبل المجتمع والعُرف والعادات والتقاليد، لنكون أنفسنا التي نريد وليست التي أُجبرنا على أن نكونها، ونترك أثرنا، وعندها فقط سنتمكن من العثور على العلاقة الصحية التي هي إكسير الحياة.
مؤلف كتاب علاقات خطرة
محمد طه: هو كاتب واستشاري طب نفسي مصري، نشأ في مغاغة بمحافظة المنيا، تخرج في كلية طب المنيا تخصص الطب النفسي، ثم حصل على الدكتوراه من إنجلترا في تخصص الطب النفسي.
عمل على تحضير ورقة بحثية في تحليل المجتمع المصري من خلال الشعارات المكتوبة على الميكروباصات والتكاتك، ونُشر أول كتاب له عام 2016 تحت عنوان “الخروج عن النص”، ونُشرت له لاحقًا ثلاثة مؤلفات أخرى وهي: “علاقات خطرة” و”لأ بطعم الفلامنكو” و”ذكر شرقي منقرض”.