الحريَّة أم السعادة؟
الحريَّة أم السعادة؟
هل من الأفضل أن يحيا الإنسان في سعادة لكن في ظل العبودية، أم أن يعيش بشعور أقل من السعادة لكن في كنف الحرية والحقيقة؟ لكن هل تستحق السعادة العناء مقارنةً بالأشياء الأخرى التي بوسعها أن تطمئن الإنسان؟ وقد أثار الفيلسوف كانط الشك بقوله إن الطبيعة لم تجهز البشر للسعادة؟ فبماذا تفيد الملكة الفكرية والروح النقدية والإرادة الحرة إذا كانت الحياة لا تميل سوى لإشباع رفاهية الناس؟
وجاء كلٌّ من العالمين نيتشه وفرويد بعد كانط لينكروا مسألة التفاؤل بشأن السعادة، ففكرة حرية الإرادة التي يقرِّرون أنها مُضللة، تتسبَّب بالفعل في تعاسة البشر، فبعيدًا عن أن يكون الفرد عنصرًا يساعد على تحقيق السعادة، لا تكف فكرة الحرية عن إفساد الحياة بداخل الفرد وتغمره باستمرار بالأسف والندم ومشاعر الحزن والمسؤولية، والاعتقاد بأنه كان يستطيع خيارًا آخر غير خياره الأول طالما كان حرًّا ومسؤولًا عن أفعاله، ومن هنا يتحول الشيء الذي بمقدوره تحقيق السعادة إلى تحقيق التعاسة.
ويتضح مبدأ التضحية بالحرية على مذبح السعادة والتخلي عن السيادة لاكتساب قدر من الرفاهية عند دولة اللفياثان التي وضعت نهاية لسيطرة الخوف الذي نشأ بسبب حالة الحرب المنتشرة في الطبيعة، ويخوضها الجميع بعضهم ضد بعض.
ويبقى التساؤل الأهم: لماذا تأتي الحرية أولًا قبل السعادة في حالة الصراع معها؟ ويجيب الكاتب أن الحرية ببساطة صفة أصيلة في الإنسان، وهي ما تميِّزه عن الحيوانات، وتسمح له بالدخول إلى مجال الأخلاق، ففقدان الحرية يُعني فقدان الإنسانية، وعلى سبيل المثال: تفضيل المقاومة أثناء الحرب العالمية الثانية، والصراع ضد النازية بدلًا من السلام النسبي الذي عُرض عليها، ولو كان الحرمان من الحرية شرًّا، فتطبيقها لا يضمن تحقيق السعادة، فأن تكون حرًّا فأنت متحمل مسؤولية اختياراتك، وقد يقود هذا أحي انًا إلى التضحية بالراحة باسم القيم التي تفوق السعادة.
الفكرة من كتاب مفارقات السعادة
من السهل تحديد أسباب التعاسة كهجر حبيب أو فقدان صديق أو حادث أليم، أما السعادة فمن الصعب تحديد تعريفها، وتحديد أسبابها، ولذلك يحاول الكاتب هنا البحث عن أسباب توفير لحظات السعادة والاطمئنان في الحياة، وهدم كل الأفكار المشوهة.
مؤلف كتاب مفارقات السعادة
لوك فيري: فيلسوف فرنسي ولد سنة 1952، شغل منصب وزير التربية والتعليم في فرنسا في الفترة (2002: 2004).
التحق لوك فيري بالتدريس، فدرَّس الفلسفة والعلوم السياسية في جامعات فرنسية كثيرة، وبدأ نشر إنتاجه منذ 1985 بكتاب ينتقد الفكر الفلسفي السائد، وعنوانه “مقال في مناهضة الإنسية المعاصرة”، ثم أصدر كتابًا بعنوان “النظام الإيكولوجي الجديد”، وآخر بعنوان “الإنسان الإله أو معنى الحياة”.