تأملات فنية
تأملات فنية
إن العمل السينمائي تجربة سمعية بصرية، فهو لا يقتصر فقط على الغلاف الخارجي للفيلم من حكاية وحوار، لذا نغوص في ما وراء الغلاف لنرى كيف أن الصورة أو اللقطة تؤثر فينا بقدر الحوار والمؤثرات الخلفية، وكيف أن اللقطة لها عامل كبير في إيصال الحكاية، فهي تترجم في صمت مشاعر أبطال الفيلم وتزيد من إحساسنا بمشاعرهم فيزداد تأثر المشاهدين بالعمل الدرامي.
إن أول من وضع أساس اللغة السينمائية هو جريفيث الذي لم يكتشف سحر المونتاج فحسب، بل اكتشف إمكانية أحجام المناظر، ودلالات تغيير العدسات، فاللقطة القريبة تختلف دلالتها عن اللقطة البعيدة والمتوسطة، وعن اللقطة القريبة المكبرة لجزء من الوجه أو المكان، فكيف يتحكم التكوين في حركة عين المشاهد؟ تقسيم الشخصيات ووضعها أمام الكاميرا يظهر لنا الكثير، فالكادر ينقسم طولًا وعرضًا، وفي بعض المشاهد يحاول المخرج الخروج من صعوبة إدخال عدد كبير من الناس في مساحة ضيقة، فكيف سيتشاركون تلك المساحة؟ إن المخرج يحدد أحجام الناس ومستوياتهم وفق دراما المشهد، فمنهم من يكون في عمق الصورة ومن يتصدر مقدمة الصورة، فلكل كادر دلالة معينة،
فلا شيء هنا يأتي صدفة، وأيضًا من الخدع الدرامية خلق كادر داخل الكادر كاستخدام المرايا للتعبير عن حالات الشخصيات وإبرازها، كما أن للضوء والألوان تأثيرًا في رؤيتنا للمشهد، واستيعاب الحالة النفسية لأشخاص الحكاية، كما تتعدد أنواع التكوين من تكوين هرمي وتكوين متوازن وغيره من أنواع التكوين، الذي يجب أن يكون مرتبطًا بمعنى المشهد والدراما، وليس حشوًا جماليًّا فحسب، مع الاهتمام بديكور المكان والعلاقات الأفقية والرأسية وحجم الكتل داخل الكادر، مما يساعد على رؤية أوضح لامتزاج جميع العناصر الفنية لإخراج مشهد مبدع، وعندها سيترك الفيلم في وجدان المشاهدين أثرًا جميلًا.
الفكرة من كتاب كيف تشاهد فيلمًا سينمائيًّا؟
كلنا يشاهد الأفلام ويعجب بها، وينجذب إليها، ومِنا من يعيد مشاهدة بعض الأفلام على الرغم من معرفته حكايتها، فما سبب ذلك؟ وما الذي يجذبنا إليها؟
يهيئنا الكتاب من خلال عنوانه للتأمل في العمل السينمائي كما لم نفعل من قبل، فهو لا يعطينا صورة معينة لقراءة الأفلام، بل يأخذنا في رحلة لفهم لغة السينما التي تعبر القارات وتؤثر في الملايين، وما كانت لتكتسب ذلك التأثير لولا امتزاج عناصرها التي تمنحها جاذبية خاصة، فتتكون صورة سينمائية ينجذب إليها الكثير.
فكيف ظهرت السينما؟ وكيف تطورت من مسرح وكاميرا إلى ظهور المونتاج وتَكلم الصورة؟ وكيف نتعامل مع السينما؟ وما أهم عناصرها؟ نجيب عن هذه التساؤلات مع الكاتب، كما نتعرّف صورًا فنية تجعلنا نستوعب الفيلم بصورة أكثر وضوحًا.
مؤلف كتاب كيف تشاهد فيلمًا سينمائيًّا؟
محمود عبد الشكور: كاتب وناقد سينمائي وأديب مصري، ولد عام 1965م، ودرس بكلية الإعلام في قسم الصحافة، كما كان عضوًا في لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو جمعية نقاد السينما المصرية، وشغل منصب نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر.
من مؤلفاته:
ذاكرة الظلال والمرايا “دراسات في أدب محمد ناجي”.
وجوه لا تنسى.
يوسف شريف رزق الله، عاشق الأطياف.