اختاري معركتك بنفسك
اختاري معركتك بنفسك
من الجهل وربما الحمق أحيانًا أن تعتقد المرأة أنها بمنأى عن الصراعات القِيَمية والحضارية والسياسية، وأن لها تمام الحرية في هيئتها ومظهرها، وأنها غير ذات تأثير واضح في نمو أو تخلُّف تلك العملية، في حين أنها باعتقادها تلك الحرية المزيفة واقعة في عبودية المادة المروِّجة لها، سواء الصورة أو المساحيق التجميلية، وهي بذلك أيضًا رهن الاستهلاك لا العمل والإنتاج وفي قلب الصراع، واقعة تحت سطوة الغرب الغالب المنتج، مغلقة كعامة أفراد المجتمع لملكات التفكير ومهارات الصناعة، تنتظر مثل غيرها ما يقدمه لها الصانع المتمثِّل في الغرب أو الدول التي تحاول أن تصطبغ بصبغتهم.
لقد أصبح النموذج الغربي هو “النموذج” الذي يُسار على نهجه، وتُتَّبع خطواته، اتباعًا أعمى لا يُنظر فيما وراءه، ولا في أصله، فضلًا عن محاولة نقده، وبالتالي نهج المرأة لهذا الطريق صنع منها نموذجًا مشوَّهًا عن المرأة الغربية، ونموذجًا مستهلكًا لا منتجًا داخل المجتمع الإسلامي وجزءًا من النزاعات لا مكان لها فيه أصلًا، وتصوُّر الأمر على النقيض يساعد على الفهم، فماذا إن رفضت المرأة كل الإنتاج المُقدَّم إليها على طبق من ذهب، وزهدت في الاستهلاك، وقرَّرت أن تصطبغ بصبغة الزي الإسلامي، ثم تتحرَّك به في مجالات الحياة المختلفة وتنزل إلى معترك الحياة عاملة لا مستهلكة، وممثلة للإسلام لا شاذة عنه! أن تجمع بين التصور القيمي من خلال منظومة الإسلام وبين الشكل الظاهري الذي لم يهمله الإسلام أيضًا!
إن الزي بشكل عام -وزي المرأة بشكل خاص- يعبر عن مجموعة أفكار وقيم اتخذتها وآمنت بها، الزي ليس مجردًا في الألبسة، بل إن وراءه قصة جهاد وتطور وترقٍّ في سلم العبودية، صراعًا من نوع آخر أكثر جدوى، بالطبع ليس سهلًا على المرأة في زمان كثرت فيه المغريات التي تُزيَّن لها وتهاجمها من كل حدب وصوب وأصبحت تراودها في أحلام اليقظة والنوم؛ ليس سهلًا عليها أن تدير لها ظهرها وأن تخالف الواقع الغالب فكرًا وعقيدةً ولباسًا وتنحاز إلى التصور الإسلامي، نعم.. فما إن يبدأ هو حتى تجده يكسو صاحبه كليَّةً، لكن قرار الانفصال والاقتحام صعب في بداياته!
الفكرة من كتاب فلسفة الزي الإسلامي
تصوُّر القضايا الإسلامية بشكل مفصل وبإسقاط على الواقع المعيش يساعد على فهم مقاصد وغايات تلك القضايا والتشريعات الإسلامية، والنظر إليها من أفق أوسع وفهم التشابك الحاصل في الواقع يجعلها تنزل على القلب الصادق والعقل المنصف منزلها الصحيح، ننظر هنا مع الكاتب إلى قضية الزي الإسلامي نظرة مفصَّلة واعية واقعية لنرى الصورة بشكل أوضح.
مؤلف كتاب فلسفة الزي الإسلامي
أحمد الأبيض: طبيب وباحث في القضايا الاجتماعية، أثناء المرحلة الجامعية أسهم في تحريك الحياة الثقافية والعلمية في الجامعة في تونس، فكان يقوم بتقديم المحاضرات العلمية في مختلف الكليات وفي النوادي الثقافية أيضًا، له العديد من المؤلفات منها:
أشكال التعبير.
فن حوار الأنوثة والذكورة.
فلسفة الدعاء.