حصار عكا الشديد
حصار عكا الشديد
كان حصار عكا أشد ما وقع على المسلمين من الفرنج، وكادت أن تنفد مؤنهم لولا إرسال والي مصر الإمدادات إليهم بعدما بلغ ذلك صلاح الدين، ولم يكن ذلك في صالح الفرنج حيث بزيادة مدة الحصار، يقترب نفاد مؤنهم أيضًا.
عاند الفرنج في حصارِهم، وقرروا السيطرة على مدن أنطاكية وقبرص، وجاء إليهم ملك الانكتار – ملك إنجلترا ريتشارد – فقوي موقفهم، خاصة بعدما أغرقوا سفينة إسلامية قادمة من بيروت لمساعدة المسلمين في عكا، ولما اشتد الحصار على عكا، طلب أهلها الأمان مقابل تسليمها، وكل ما فيها من غنائم ضخمة وصليب الصلبوت – صليب مُقدس عن الفرنجة – وقد تم التسليم بالفعل، لكن الفرنج غدروا بوعدهم ولم يلتزموا بتبادل الأسرى وأعدموا الأسرى المسلمين، الذين قُدر عددهم نحو ثلاثة آلاف أسيرٍ مُسلم منهم نساء وأطفال، فغضب صلاح الدين وأمر بقتل كل الفرنجة الذين أُسِروا في تلك الفترة.
وتابع الصليبيون مسيرهم بعدما تمكنوا من عكا، فذهبوا نحو عسقلان، وهاجمهم صلاح الدين في منطقة أرسوف شمال يافا، وكانت معركة شديدة خسر فيها الفريقان خسائر كبيرة، لكنها انتهت بفوز الفرنج، فقويت معنوياتهم واحتلوا يافا بعد ذلك.
على الرغم من الانتصارات المفاجئة للصليبيين، فإن خسائرهم كانت عظيمة، فأرسل ملكهم ريتشارد إلى السلطان صلاح الدين عن طريق أخيه العادل للتفاوض في الصُّلح، فعرضوا احتفاظهم بما استولوا عليه من الأراضي، وزواج الملك العادل من أخت الملك ريتشارد بشرط الدخول في دينهم، ورفض العادل ذلك، ففشلت المفاوضات وتم تأجيلها.
الفكرة من كتاب سيرة صلاح الدين الأيوبي
حينما نتذكر السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، يتوقف وعينا عنه عند لحظة انتصاره في معركة حطين واسترداد القدس فقط، ولا ندري أن بداية الصراعات قد بدأت بعد ذلك، بل يرى بعض المؤرخين أنَّ ما حل بعد ذلك لا يقل أهمية عن صعودِه وتوحيده بلاد مصر والشام لاسترداد القدس.
وفي هذا الكتاب الذي يُعدُّ مرجعًا تاريخيًّا لأحد الذين عاصروا صلاح الدين وكانوا قريبين منه، يركز الكاتب على فترة صعود الملك الناصر وفتوحاته ومعاركه، حتى ندرك أن حياته ما كانت إلا للجهاد.
مؤلف كتاب سيرة صلاح الدين الأيوبي
أبو المحاسن بهاء بن شداد (1145- 1284): قاضٍ ومؤرخ مسلم، عاصر صلاح الدين الأيوبي ومعاركه، وكان أحد مستشاريه الرئيسيين، عُرف عنه صدق مؤرخاته، ونال ثقة العلماء والمؤرخين.
له العديد من المؤلفات والكتب أهمها:
فضائل الجهاد.
الموجز الباهر.
البراهين على الأحكام.
ملجأ القضاة من غموض الأحكام.