قدوم الحملة الصليبية
قدوم الحملة الصليبية
لما تمكَّن صلاح الدين من القدس، وأقام النظام فيها، توجه إلى مدينة صور وحاصرها برًّا وبحرًا مدة سنة كاملة، واستطاع فتح مدن أخرى مجاورة مثل جبلة واللاذقية وكوكب؛ لإضعاف موقف الصليبيين بصور، كما استولى على قلعة صهيون الحصينة، ولم يتوقف بل زحف كذلك واستولى على شقيف أرنون وقلاع بكاس وبرزية ودربساك وبغراس، ثم فتح قلعة صفد التي صمدت أمام حصار جيشه سبعة أشهر.
في عام خمسمائة وخمسة وثمانين من الهجرة 585 هـ بلغ السلطان أن ملك الألمان قد جمع جيشًا كبيرًا للهجوم على البلاد الإسلامية انتقامًا لما حدث في القدس، وفتح المدن الصليبية، وقد اتجه للشرق عن طريق القسطنطينية التي كان ملكها في تحالف مع صلاح الدين، لكنه لم يستطع منع الجيش الألماني الكبير، وأرسل إلى سلطان سلاجقة الروم قلج أرسلان الذي لم يستطع هو الآخر منعهم، ولكن تسبب رفض ملك القسنطينية تزويد الألمان بالمؤن في إضعافهم وهزيمتهم فيما بعد.
وجمع السلطان جيشه، وأرسل إلى جميع المناطق ينادي بالجهاد، كما أرسل إلى الخليفة العباسي الذي سُرعان ما أرسل إليه مددًا من النفط والمال، وقد حدث أن ضعُفَت حملة الألمان بسبب قلة المؤن، وموت الملك الألماني غرقًا، فقرر بعضٌ من جيشه العودة، وقرر البعض الآخر متابعة المسير، وحدثت معركة كبيرة بينهم وبين الملك العادل – شقيق صلاح الدين – وأرسل السلطان لنجدته، حتى استطاع ردَّهم.
تبع حملة الألمان حملة كبرى من الفرنج – بقيادة إنجلترا وفرنسا – متجهين صوب عكا مرة أخرى وحاصروها حصارًا شديدًا، فكان من الصعب وصول الإمدادات إلى المسلمين في عكا؛ لدعمهم في الصمود أمام الحصار.
الفكرة من كتاب سيرة صلاح الدين الأيوبي
حينما نتذكر السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، يتوقف وعينا عنه عند لحظة انتصاره في معركة حطين واسترداد القدس فقط، ولا ندري أن بداية الصراعات قد بدأت بعد ذلك، بل يرى بعض المؤرخين أنَّ ما حل بعد ذلك لا يقل أهمية عن صعودِه وتوحيده بلاد مصر والشام لاسترداد القدس.
وفي هذا الكتاب الذي يُعدُّ مرجعًا تاريخيًّا لأحد الذين عاصروا صلاح الدين وكانوا قريبين منه، يركز الكاتب على فترة صعود الملك الناصر وفتوحاته ومعاركه، حتى ندرك أن حياته ما كانت إلا للجهاد.
مؤلف كتاب سيرة صلاح الدين الأيوبي
أبو المحاسن بهاء بن شداد (1145- 1284): قاضٍ ومؤرخ مسلم، عاصر صلاح الدين الأيوبي ومعاركه، وكان أحد مستشاريه الرئيسيين، عُرف عنه صدق مؤرخاته، ونال ثقة العلماء والمؤرخين.
له العديد من المؤلفات والكتب أهمها:
فضائل الجهاد.
الموجز الباهر.
البراهين على الأحكام.
ملجأ القضاة من غموض الأحكام.