مصر وبداية الطموح
مصر وبداية الطموح
كانت بداية الأمر في مصر، عندما انقلب شخص يُدعى الضرغام على شاور بن مجير السعدي وزير مصر آنذاك، فاستنجد شاوِر بنور الدين زنكي في الشام، فأرسل نور الدين أسدَ الدين شيركوه الذي أخذ معه ابن أخيه صلاح الدين، واستطاعوا هزيمة ضرغام وإعادة شاور لمنصبه، وزاد ذلك من مكانة صلاح الدين عند أسد الدين.
ولكن حدث أن خاف شاور من أن يأخذ أسد الدين شيركوه الوزارة منه بعدما ذاع صيته، فعرض على الفرنج تمكينهم من مصر مقابل القضاء على أسد الدين شيركوه، فلما علم نور الدين زنكي بذلك أرسل جيشًا إلى مصر، ودارت حربٌ كبيرة انتهت بالقبض على شاور وقتلِه، وتعيين أسد الدين وزيرًا مكانه وصلاح الدين مساعدًا له، وكان ذلك سنة خمسمائة وأربع وستين من الهجرة 564 هـ.
لم يمضِ وقت كثير، حتى تُوفي أسد الدين شيركوه، وتولَّى صلاح الدين الوزارة بعد أن استقرت له الأمور، وصادف أن قرر الفرنج وقتها احتلال مصر، واتجهوا لدمياط، فاستطاع صلاح الدين هزيمتهم وإعادتهم لبلادهم، فقويت مكانته، وفي الوقت نفسه من تلك الأحداث كان نور الدين زنكي قد أحكم سيطرته على بلاد نصيبين والموصل وسنجار وحلب. ولما تُوفي الخليفة الفاطمي “العاضد”، استقرت الأمور لأن يكون المُلك لصلاح الدين، فأنهى الخلافة الفاطمية في مصر، وبدأ بتوجيه أنظاره لحماية الحدود المصرية وطرق القوافل الخارجة منها، فخرج لبلاد الكرك والشوبك وحاصرها، لكنه لم يدخلها، ولما عاد بلغه خبر وفاة أبيه نجم الدين الذي قد أحضره للمكوث معه بمصر، فشق عليه أنه لم يحضر وفاته.
واجهت صلاح الدين تحديات تمثلت في محاولة جيش من النوبيين السيطرة على جنوب مصر، فأرسل إليهم جيشًا بقيادة أخيه العادل سيف الدين، واستطاع القضاء عليهم وهزيمتهم، حدث كذلك بعدها بسنة استيلاء رجل يُدعى “عبد النبي بن مهدي” على اليمن، فأرسل صلاح الدين جيشًا بقيادة أخيه شمس الدولة توران شاه إلى اليمن وهزمهم، واستطاع بذلك ضم اليمن إليه، وانضمت كذلك معه بلاد الحجاز، وواجهته كذلك محاولة الفرنج احتلال الإسكندرية، وانتهت بهزيمتهم وهروبهم.
الفكرة من كتاب سيرة صلاح الدين الأيوبي
حينما نتذكر السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، يتوقف وعينا عنه عند لحظة انتصاره في معركة حطين واسترداد القدس فقط، ولا ندري أن بداية الصراعات قد بدأت بعد ذلك، بل يرى بعض المؤرخين أنَّ ما حل بعد ذلك لا يقل أهمية عن صعودِه وتوحيده بلاد مصر والشام لاسترداد القدس.
وفي هذا الكتاب الذي يُعدُّ مرجعًا تاريخيًّا لأحد الذين عاصروا صلاح الدين وكانوا قريبين منه، يركز الكاتب على فترة صعود الملك الناصر وفتوحاته ومعاركه، حتى ندرك أن حياته ما كانت إلا للجهاد.
مؤلف كتاب سيرة صلاح الدين الأيوبي
أبو المحاسن بهاء بن شداد (1145- 1284): قاضٍ ومؤرخ مسلم، عاصر صلاح الدين الأيوبي ومعاركه، وكان أحد مستشاريه الرئيسيين، عُرف عنه صدق مؤرخاته، ونال ثقة العلماء والمؤرخين.
له العديد من المؤلفات والكتب أهمها:
فضائل الجهاد.
الموجز الباهر.
البراهين على الأحكام.
ملجأ القضاة من غموض الأحكام.