الحجاب في النصرانية
الحجاب في النصرانية
رغم أن البلاد التي تعرف اليوم حالة من الانفجار الجنسي، وانهيارًا للضوابط الأخلاقية، بلاد أغلب أهلها يعتنقون النصرانية فإنَّ ذلك في الحقيقة لا يعود إلى الأحكام النصرانية في الكتب المقدَّسة.
جاءت النصرانية في القرن الأوَّل الميلادي لتَرِثَ من اليهودية أسفارها القديمة، ورغم أن مؤسسها الحقيقي بولس الذي أعلن القطيعة مع الشريعة اليهودية، فإن بولس لم يستطع أن يتجاوز مسألة الزي الشرعي وأهميّته في حياة الفرد النصراني، فكانت الكنيسة الأولى مشغولة بأمر الطاقة الجنسية في الرجل والمرأة ومآلات أثرها في الإنسان إن لم تضبط وتحكم وتحجز عن موارد الحرام، وبلغت في هذا الشأن مبلغًا شديدًا يظهر في قول مؤلّف إنجيل متَّى – نقلًا عن المسيح -بزعمه-: “وَسَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: لاَ تَزْنِ! أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ بِقَصْدِ أَنْ يَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ! فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى فَخًّا لَكَ، فَاقْلَعْهَا وَارْمِهَا عَنْكَ، فَخَيْرٌ لَكَ أَنْ تَفْقِدَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُطْرَحَ جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ!”، وقد منعت الكنيسة عن المرأة المسيحية ضفر الشعر، والحليّ الذهبيّ، والثياب الفاخرة، والحلل غالية الثمن، وهي محرَّمات قد وردت على سبيل المثال لا الحصر، كما أنّها عناوين لأصناف كثيرة من الملابس؛ مما يعني أن النصرانية تمنع المرأة صراحةً من التعبير عن جمالها أمام الرجال.
وقد ذكر الكاتب مجموعة من آباء الكنيسة في مختلف العصور الذين صرَّحوا بأهمية تغطية المرأة لرأسها، ومن هؤلاء ترتليان الذي يسمى بأبي الكنيسة اللاتينية، وكلمنت السكندري وهو من أعظم اللاهوتيين في زمانه، واللاهوتي أوغسطين الذي أسهم في صياغة اللاهوت الكنسي، وغيرهم، ورغم ذلك لم تحافظ الكنيسة بعد عصر الآباء على فريضة الحجاب، وعند ظهور التيَّار البروتستانتي كثر الفساد الأخلاقي بسبب فساد البابوات، لكن أُعيد طُرِح أمر العفَّة لدى النساء من جديد، وأبرَزَ عدد من أعلام البروتستانت أهمية العناية بالزي كمظهر نصراني.
الفكرة من كتاب الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية
أصبح الحجاب في الآونة الأخيرة محل نزاع بين الاتجاهات الفكرية المُختلفة، فالبعض لا يعترف بفرضيته على المُسلَّمات، والبعض يراه تحكّمًا في حُرية المرأة.
يتناول الدكتور سامي عامري الحجاب وبيان شريعته ودلالات أحكامه في النصوص الشرعية، وأهم الشبهات تجاهه، كما يتناول دلالة النصوص في الديانتين اليهودية والنصرانية على الحجاب.
مؤلف كتاب الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية
سامي عامري: باحث ومحاضِر ومتخصص في دراسات العهد الجديد والاستشراق التنصيري، حاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، وصاحب مبادرة البحث العلمي لمقارنة الأديان، ويجيد اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والعبرية والسريانية، بالإضافة إلى يونانية العهد الجديد.
له عدد كبير من المؤلفات ما بين مطبوع ومخطوط منها: براهين وجود الله، وبراهين النبوَّة، واستعادة النص الأصلي للإنجيل، وهل اقتبس القرآن الكريم من كتب اليهود والنصارى؟ وغيرها.