عن التعليم المهني
عن التعليم المهني
عندما نفكر في المواد الدراسية التي تحظى لدينا باهتمام وتقديرٍ كبيرين، نجد أن العلوم والرياضيات تحتلان الصدارة، ثم تليهما مواد مثل الجغرافيا والتاريخ واللغات، ثم تأتي في المرتبة الأخيرة الموادُ التي تعتمد على المهارة اليدوية والعملية مثل الفنون والحِرف والرياضة؛ ما يجعلنا ننظر إلى التعليم الفني أو المهني على أنه لمحدودي القدرات، ولكنه ليس كذلك! إنما بُني هذا الرأي على عدد من المعتقدات الخاطئة السائدة بين الناس، منها الظن أن تعلم وممارسة الأنشطة العملية يتطلب قدرات أقل من التعلم العقلي، وأن التدريس كذلك يحتاج إلى جهد أقل في التعلم المهني، وأن تقدم التعليم يعتمد على تقليل الأنشطة البدنية وزيادة الاعتماد على الاستدلال والمعرفة المجردة، وأن المواد العملية والمهنية تحتاج إلى أن نضيف لها طابعًا أكاديميًّا لنرتقي بها، وكذلك الظن أن التعلم الأكاديمي إعداد أفضل للحياة. وربما أثر في ذلك أيضًا تلك النظرة إلى العقل كأنه يعلو برُقيِّه وطهارته فوق الجسد ذي الرغبات الدنيئة والفاسدة، التي تأسست عند فلاسفة اليونان وامتدت إلى الكنسية الأرثوذكسية وفلاسفة التنوير، والتي تخالف الصورة التي تقدمها علوم الأعصاب والعلوم المعرفية عن علاقة العقل والجسد (وخصوصًا الدماغ).
والحقيقة أن الحرف العملية واليدوية تتطلب ذكاءً كبيرًا، لكنه نوعٌ مختلف من الذكاء الذي نحتاج إليه لكتابة ورقةٍ بحثية أو إعداد محاضرة، وهو مطلوب لمواجهة العديد من التحديات والمشكلات المعقدة في ميدان العمل الواقعي والتعلم منها، كما في عمل النادل في المطعم أو الميكانيكي أو الحرفي في الورشة. ويقول ماثيو كروفورد الذي كان خبيرًا في السياسات العامة ومُصلحًا للدراجات النارية أنه احتاج إلى مزيد من التفكير في أثناء العمل بمحل الدراجات عما احتاج إليه في وظيفته السابقة بمعهد الأبحاث!
قد يختار الطلاب مسار التعليم الفني أو المهني لأنهم يستمتعون بالأعمال اليدوية أكثر من القراءة والكتابة، أو لأنهم يشعرون بقدرٍ أكبر من الإشباع والفخر حين يصنعون منتجًا جيدًا، أو لأنهم يودون الانتهاء من الدراسة سريعًا ليتحملوا مسؤوليات الكبار ويحصلوا على حقوقهم، وليس لدينا الحق في القول إن لجميعهم قدراتٍ عقلية محدودة أو ضعيفة.
الفكرة من كتاب تعليم رديء – تفكيك الخرافات الدارجة في التعليم
هل ينبغي لنا ترك أسلوب التعليم التقليدي أم الحفاظ عليه؟ وهل نختار التعليم النظامي أم غير النظامي؟ وهل التعليم الفني والمهني لمحدودي القدرات حقًّا؟ وكيف سيؤثر اختيار المدرسة في أبنائنا؟ وكيف تؤثر الحاسبات والحواسيب والشاشات في تعلمهم؟ وما نتائج ربط علم الأعصاب بالتعليم؟ وما قصة الذكاءات المتعددة وأنماط التعلم؟
يُجيبنا الكتاب عن كل تلك الأسئلة معتمدًا على دراساتٍ وأبحاث، ومحاولًا توضيح وتفكيك الخرافات والأفكار غير السليمة المنتشرة حول هذه الموضوعات.
مؤلف كتاب تعليم رديء – تفكيك الخرافات الدارجة في التعليم
فيليب إيدي، أستاذ متفرغ في العلوم المعرفية والتربية بالكلية الملكية في لندن.
وجوستين ديلون، أستاذ في العلوم والتربية البيئية بالكلية الملكية في لندن أيضًا.
وهما محررا هذا الكتاب الذي شارك فيه معهما مجموعةٌ من المؤلفين هم: مايك أندرسون، إد بينيس، بول بلاك، بيتر بلاتشفورد، مارجريت براون، جاي كلاكستون، فرانك كوفليد، جوليان إيليوت، نيل همفري، آنيت كارميلوف سميث، بيل لوكاس، بيثان مارشال، براين ماثيوس، كورين ريد، روب ويبستر، وديلان ويليام. ومعظمهم أكاديميون وباحثون في مجالاتِ التربية والتعليم.
معلومات عن المترجمين:
نادية جمال الدين: أستاذ متفرغ في أصول التربية بمعهد الدراسات التربوية في جامعة القاهرة، وأستاذ زائر في عدد من الجامعات العربية وفي جامعة Durham بإنجلترا، وهي الجامعة التي حصلت منها على الدكتوراه. عملت في إدارة العديد من المشروعات التعليمية مع وزارة التربية والتعليم المصرية. وكانت مديرة المركز القومي للترجمة من 1996 إلى 2004.
السيد يونس عبد الغني: مترجم وباحث دكتوراه في الترجمة باللغة الإنجليزية بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة، وحصل على الماجستير في تدريس اللغة الإنجليزية واللغويات التطبيقية. وهو مهتم بالبحث والترجمة في العلوم الإنسانية، وله أعمال بحثية منشورة في دوريات عالمية.