الثورة الإيرانية عام 1979
الثورة الإيرانية عام 1979
كانت الثورة الإسلامية الإيرانية واحدة من أكثر الأحداث مفاجأة في القرن العشرين، لأن الشاه محمد رضا بهلوي كان مدعومًا من القوى الدولية وقتها، ولم يبدُ أن المعارضة مُسلحة أو ذات موارد مالية. عندما تولى الشاه العرش عمل على إعادة تأهيل الجيش وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، مما جعل شعبه يراه خادمًا للمصالح الأمريكية، ومن هنا بدأت المعارضة، خصوصًا أن الشاه اتبع معهم وسائل قمعية، وعلى الرغم من الإصلاحات الاقتصادية التي قام بها فإن هذا لم يشفع له.
أما القوات المسلحة فكان يسيطر عليها الشاه سيطرة كاملة، لكن كانت معنويات المُجندين إجباريًّا منخفضة، بسبب عدم عدالة التجنيد وقلة الأجور وعداء قادة الجيش لمظاهر التدين، واعتمد الشاه على التفريق بين القادة خوفًا من محاولات الانقلاب، وأدى هذا إلى عدم قدرتهم على اتخاذ أي قرار لأن القرار بيد الشاه، وعلى الرغم من ارتفاع ميزانية الجيش فقد افتقر الجنود إلى الخبرة والتعليم المطلوبين.
بدأت المظاهرات بعدما قيل إن الخميني زعيم المعارضة عميل لبريطانيا مما أثار غضب الطلاب، وحاول الشاه تهدئة الأمر، لكن زادت المظاهرات، فأعلن الأحكام العرفية وأمر الجيش بقمع المظاهرات. وبعد عدد من القرارات الخاطئة بدأ النظام يُلبي طلبات المعارضة بمحاكمة وزراء ومحافظين سابقين، كما أزاح الحكومة العسكرية وألغى الأحكام العرفية وعين شابور بختيار رئيسًا للوزراء، الذي طلب من الشاه أن يغادر في عطلة ويتولى هو حكم البلاد، وبالفعل غادر الشاه وعائلته إيران لكن سرعان ما انهارت الحكومة وأعلنت القوات المسلحة استسلامها للثورة.
بالعودة إلى العوامل الستة السابقة يمكننا تفسير الدور المحوري الذي لعبه الجيش في النتيجة النهائية للثورة، فعامل التماسك الداخلي يفسر دور الانقسام بين الجنود وضباط الصف من جهة والضباط الكبار من جهة أخرى في فشل القيادة في مكافحة الثورة. والعامل الثاني الخاص بالمجندين والمُتطوعين أثبت أهميته أيضًا بسبب عدم القدرة على الاعتماد على المجندين إجباريًّا الذين أخذوا صف الثورة.
أما العامل الثالث الخاص بتعامل النظام مع الجيش فساهم بعامل واحد فقط، وهو عدم تمتع القادة بالاستقلال الكافي لاتخاذ القرارات، وأثر كذلك حجم المتظاهرين وتكوينهم وطبيعتهم التي كانت عاملًا حاسمًا في تحديد موقف النخب العسكرية من الثورة، وتودد المعارضة للجنود.
الفكرة من كتاب كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟
يعرض الباحث زولتان باراني في كتابه جانبًا من الثورات لم ينل حظه من البحث والتحليل، وهو استجابات الجيوش للثورات والعوامل المؤثرة فيها، ويتبنى الكاتب حجتين يحاول إثباتهما في كتابه؛ الأولى تقول إن استجابة القوات المسلحة لأي انتفاضة تمثل أمرًا أساسيًّا في نجاحها أو فشلها، والثانية تقول إنه يمكن التنبؤ الصحيح بكيفية استجابة جيش ما نحو ثورة إذا درسنا الجيش وعلاقته بالدولة والمجتمع.
يهدف الكاتب إلى شرح الثلاثة نتائج الممكنة لرد فعل الجيوش، إما بتأييد الثورة وإما بمعارضتها وإما بالانقسام. وذلك بالتطبيق على حالات حقيقية بعضها عاصرناها والبعض الآخر بالتأكيد سمعنا عنها.
مؤلف كتاب كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟
زولتان باراني: بروفيسور في جامعة تكساس، يُدرس من عام 1991 وهو باحث غير مقيم في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن العاصمة. ركزت أبحاثه وكتاباته على السياسة العسكرية، وإرساء الديمقراطية على مستوى العالم.
من أعماله: هل الديمقراطية قابلة للتصدير؟ – Ethnic Politics After Communism
معلومات عن المترجم:
عبد الرحمن عياش: باحث ومترجم وصحفي مصري. حاصل على درجة الماجستير في الشؤون الدولية من جامعة بهتشه شهير في إسطنبول. تركز أبحاثه على الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط وحقوق الإنسان والعلاقات المدنية العسكرية.
من ترجماته: كيف تعمل الدكتاتوريات؟