العلاج الوهمي
العلاج الوهمي
قام أحد الأطباء باختراع عصا وزعم شفاءها لجميع الأمراض عن طريق تمرير العصا على موضع الألم فتسحب الألم من جسدك، وبالفعل بشهادة جميع المرضى فقد تحسَّنت حالات أغلبهم بشكلٍ سريع، ولكن بعد فترة قصيرة من الزمن تعود حالة المريض إلى ما كانت عليه، وهذا ما يُسمَّى بالعلاج الوهمي “البلاسيبو”، وهو يدل على أن القناعة التي نعطي المريض إياها تكون غالبًا بقدر أهمية الدواء، وعند إجراء مثل هذه التجارب على مصابي الاكتئاب تم تقسيم المرشحين إلى ثلاثة أقسام؛ قسم منهم تناول أدوية الاكتئاب، والقسم الثاني استُخدم معه العلاج الوهمي، والقسم الثالث لم يأخذ أي أدوية ولكن تمَّت متابعتهم يوميًّا، وكانت نتيجة تلك التجارب صادمة، فقد أوضحت الأرقام أن 25% من الذين تماثلوا للشفاء كان شفاؤهم طبيعيًّا، و50% كان شفاؤهم نتيجة القناعة التي تكوَّنت لديهم من العلاج الوهمي، ونسبة 25% فقط كان شفاؤهم بفعل الدواء الكيميائي.
وهنا ظهرت الخدعة في الموضوع، فكل الدراسات العلمية المنشورة عن فاعلية تلك الأدوية تُنفِّذها الشركات الكبرى المصنِّعة لها، من أجل تسويقها وبيعها، لتدرَّ عليهم أموالًا طائلة، ولذا فإن معظم نتائج تلك الأبحاث تجرى في السر ولا يُنشر منها سوى النتائج المرغوبة، ومع فرز تلك الأبحاث تبين أن التقدُّم الذي تُحرزه تلك الأدوية أقل من المتوقع بكثير، فضلًا عن الأعراض الجانبية المترتِّبة على تناولها، وإن التحسُّن الذي حدث بسبب تناول تلك الأدوية ناتج عن التأثير الوهمي، وهذا جعل كاتبنا يبحث أكثر عن أصل الاعتقاد القائل: “إن الاكتئاب هو نتيجة نقص في مستوى مادة السيروتونين”، ووجد أن القصة بدأت من جناح في أحد المستشفيات كان مخصصًا لعلاج مرضى السل، وأثناء تجربة دواء جديد عليهم يُدعى “مارسيليد” جعلهم الدواء يفرحون ويرقصون، ومن هنا فكَّروا أن يقوموا بتجربة ذلك الدواء على المصابين بالاكتئاب.
وعند إجراء أبحاث بتوسُّع تم اكتشاف أن الشعور الذي تُولِّده تلك الأدوية بالفرحة ليس له أثر في زيادة أو قلة مادة السيروتونين بالدماغ، وكانت نتيجة بحث المؤلف هو أن الاعتقاد المزعوم بأن شعورك بالتعاسة يعود إلى خلل في الدماغ به الكثير من الأخطاء والهفوات ولا ينفع إلا مع عدد قليل للغاية من المرضى، فمضادَّات الاكتئاب يمكن أن تقدِّم حلًّا جزئيًّا لأقليَّة من المصابين بالاكتئاب والقلق النفسي، ولكن ماذا عن باقي المصابين؟ هذا ما سنعرفه في السطور القادمة.
الفكرة من كتاب إخفاق التواصل.. كشف الأسباب الحقيقية للاكتئاب وكيف نجد الأمل
يُصاب أغلبنا بالاكتئاب، ونتيجة لذلك نهرع للذهاب إلى العيادات النفسية لكي نتخلَّص من تلك الحالة السلبية التي تُعكِّر صفو حياتنا، كما كثُرت الأقاويل حول كون الاكتئاب خللًا في النواقل الكيميائية في الدماغ، ولا بد من أخذ أدوية ومضادَّات للاكتئاب كي تستعيد حياتك الطبيعية، ولكن هل توقَّف أحدكم لوهلة للبحث في أسباب إصابته بالاكتئاب؟ وهل تأكد من أن حالته بالفعل تستلزم تناول مثل تلك الأدوية؟
منذ زمنٍ طويل ونحن يتم دفعنا بأسلوب منهجي إلى الأخذ بمعلومات غير دقيقة حول حقيقة الاكتئاب والقلق النفسي، ولذا جاء إليك هذا الكتاب ليساعدك على اكتشاف الأسباب الحقيقية التي تدفعنا إلى الوقوع في حالات الاكتئاب والقلق النفسي الشديد، واكتشاف السبل المؤدية إلى التخلُّص منهما، فقد عانى كاتبنا من الاكتئاب طوال حياته، بل وظل يتناول أدوية الاكتئاب لثلاثة عشر عامًا، ومع ذلك لم يتخلَّص منه، فهيا بنا لننطلق في رحلة جديدة ممتعة ستكون أنت فيها قائد نفسك لتُحدِّد الصواب من الخطأ.
مؤلف كتاب إخفاق التواصل.. كشف الأسباب الحقيقية للاكتئاب وكيف نجد الأمل
يوهان هاري: صحفي وكاتب بريطاني سويسري، كتب للعديد من الجرائد والصحف العالمية مثل: “نيويورك تايمز” و”لوس أنجلوس تايمز”، ويتحدَّث بصورة منتظمة في أشهر البرامج الحوارية، كما حصل على العديد من الجوائز مثل: “صحافي الجريدة لمدة عامين من منظمة Amnesty”، ولديه العديد من الكتب التي تدور حول موضوعات الاكتئاب، والحرب على المخدرات، والنظام الملكي، وقدم أيضًا العديد من المحادثات حول مواضيع الإدمان، والاكتئاب والقلق على منصة TED.
ومن أبرز أعماله:
God Save the Queen?
Chasing the Scream.
Stolen Focus.
معلومات عن المترجمة:
آمال الحلبي: مترجمة قامت بترجمة عمل آخر، إضافةً إلى هذا الكتاب بعنوان “حدِّثهم عن المعارك وعن الملوك وعن الفيلة”.