فلسفة جديدة لعلاج الفلسفة القديمة
فلسفة جديدة لعلاج الفلسفة القديمة
تأثَّرت حياتنا اليومية بالنمط الغربي الذي يسود العالم، والذي تطغى عليه الماديَّة مع نقص الجانب الروحي، فأصبح القلق والتوتر والضغط العصبي سمات ظاهرة وواضحة بيننا، ومع سهولة وصول الأخبار وسرعة تداولها، أصبحنا نتعرَّض لكثير من الأمور التي تزيد مشاعر الخوف، فسبَّبَ ذلك حاجتنا إلى الهروب من هذه المشاعر إلى ما يعكس علينا السعادة والصحة.
ومن هُنا برزت البرامج ذات البُعد الفلسفي الشرقي، وانتشرت بين العوام، باعتبارها برامج علاجية أو تدريبية تُعيد إلى الإنسان توازنه، ومن خلالها يستطيع تحقيق النجاح والسعادة.
ويُمكننا تعريف الفلسفة الشرقية بأنها فلسفة فكرية شمولية، أي إنها بديل للدين، حيث يستمد منها أهلها تصوُّراتهم نحو الوجود والحياة والكون، وبالتالي فهي تمدُّهم بالمفاهيم الغيبية، ومن خلالها يحاولون الوصول إلى أسرار ما وراء عالم الشهادة، ولا شك أن هذه التصوُّرات والمفاهيم لا تقدِّم حقيقة الغيبيات، وذلك لأنها قائمة على محاولات العقل البشري لتفسير الغيب، والعقل البشري عاجز عن الوصول إلى كمال الحقيقة الغيبية، لذا أرسل الله (عزَّ وجل) الرُّسل، وأنزل الوحي، حتى يتكوَّن للإنسان صورة حقيقية عمَّا في الغيب.
واليوم لم تعد الفلسفة الشرقية محصورة على أهلها فحسب، فقد انتشرت في بقاع الأرض تحت مُسميات مختلفة، وقد كان للغرب دور كبير في انتشارها، بعدما وجد فيها الروحانيات التي كان يفتقدها في فلسفته المادية الجافة، فتُرجِمت هذه الفلسفة إلى برامج تطبيقية استشفائية، وعُرِف روَّادها بـ”المُرشدين الروحانيين”، وأُنشئت المراكز لبث هذه الفلسفة، وأشهرها “معهد إيسالن”، والذي يعد محضنًا للفكر الروحاني الشرقي، فظهرت برامج “التنمية البشرية”، و”حركات القدرات البشرية الكامنة”، وهي تُعرَف الآن بـ”حركة العصر الجديد New Age Movement”، وهي بداية عصر يكتشف فيها الإنسان قدراته الخارقة فيستغني عن الإله الذي تُخبر به الديانات السماوية، بحسب ما يعتقدون.
الفكرة من كتاب أثر الفلسفة الشرقية والعقائد الوثنية في برامج التدريب والاستشفاء المُعاصرة
البرمجة اللغوية العصبية، الريكي، العلاج بالبرانا، اليوجا، وغيرها من الأسماء، تتردَّد على آذاننا لتحقيق السلام النفسي، أو التخلُّص من التوتر والضغط، وغيرها من المطالب التي يبحث عنها العديد منَّا في العصر الحديث، فما حقيقة هذه البرامج؟ وما أصل فلسفتها؟
تُقدِّم لنا الكاتبة أثر الفلسفة الشرقية في حياتنا اليومية، والتي هي أصل للكثير من هذه البرامج، كما توضِّح بشكل مُيسَّر ما هي “حركة العصر الجديد”، وما علاقتها بتلك البرامج وبالفلسفة الشرقية؟
مؤلف كتاب أثر الفلسفة الشرقية والعقائد الوثنية في برامج التدريب والاستشفاء المُعاصرة
فوز بنت عبد اللطيف كردي: باحثة وكاتبة سعودية من مواليد المدينة المنوَّرة، حصلت على الدكتوراه في فلسفة التربية والدراسات الإسلامية، تخصُّص العقيدة والمذاهب المعاصرة، وهي باحثة متخصِّصة في الفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه، تعمل رئيسة قسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، وأستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الملك عبدالعزيز (فرع البنات).
قدَّمت عددًا من الدورات التوعوية، ولها عدد من المشاركات العملية على مستوى المملكة والخليج العربي، ولها عدد من المؤلفات والأبحاث منها: “المرأة في مناهج التعليم”، و”حقيقة العلاج بالطاقة بين القرآن الكريم والعلم”، و”أصول الإيمان بالغيب وآثاره”، و”حركة العصر الجديد: دراسة لجذور الحركة وفكرها العقدي ومخاطرها على الأمة الإسلامية”.