تأمُّل مع الذات
تأمُّل مع الذات
في البداية مفهوم الذات يعدُّ انعكاسًا للمرء عن تقديره لذاته، ونظرته إليها، وبخاصةٍ عند الوقوف على الإيجابيات والسلبيات، ويجب ألا نقع في فخ الابتهاج بالإيجابيات وربما التفاخر بها، ونمقت أن يذكِّرنا أحد بعيوبنا، حتى وإن كان ذلك مساعدة منه لنقوم بإصلاحها، ذلك التعامل مع الذات ربما يكون متأثرًا بلون المدح في الشعر العربي، ولكنه لا ينتج سوى نفس غير سوية لا يفرح صاحبها بتزكيتها.
وفي المقابل فإن التصوُّر الصحيح للذات هو رؤية العيوب بنفس الدرجة التي نرى بها المزايا، وأن نكون عمليين في إصلاح العيوب، وأن نبتعد عن الانفعال والعُجب بمزايانا لأن ذلك من شأنه أن يضعنا تحت غشاوة، فلا نصلح من شأن عيوبنا أو نطوِّر من مزايانا.
ومن المهم كذلك أن نتفهَّم حقيقة النقد، أنه ليس شتمًا أو إهانة، وأنه ليس ذمًّا لذات الإنسان بل لفعله.
أما الآن وبعد فهم ذواتنا ولو قليلًا، فنحن بحاجة إلى أن نواجهها، ونتحدَّث معها، ولنتأمَّل بعض المواقف وما اتجاهنا منها، وذلك بالوقوف عند أمرين أساسيين، أولهما: تحديد القيم التي تمثِّل ذواتنا وتتناسب معها، وما المكان الذي أحب أن أجد نفسي به، وليس بالضرورة أن نختار أو نقلِّد طريق معلمينا أو شيوخنا في مجال ما إن كان لا يناسبنا، أو لا تميل إليه أنفسنا،وذلك الأمر لا يتعارض مع أن نبدأ باتخاذ قدوة، ولكن الشرط هنا هو أن تقتدي بمن يوافق ميولك.
أما الأمر الثاني الذي يجب أن تقف عنده هو أن تكون رفيقًا مع ذاتك، وتبتعد عن جلد الذات، وأن تضع نفسك في خانة لا تتناسب مع قدراتك، فتلوم نفسك لأنك لست مثل أبي هريرة في رواية الأحاديث أو حسان بن ثابت في الشعر، وربما يأتي ذلك بنتيجة عكسية فتصاب بالملل، فالخطوات الصحيحة أن تحدِّد ميولك وتصوُّراتك أولًا، ولا تتخذ من تصورات الآخرين منطلقًا إن كنت تعجز على تطبيقها، ومن ثم تلتحق بمرحلة التغيير التي تحتاج إلى جهد ذاتي، فكما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
الفكرة من كتاب نحو نفس مطمئنة واثقة
في هذا العصر الذي تتخبَّطنا فيه الهموم والمشاكل، يسعى الجميع نحو نفس مطمئنة وهادئة، لا يشوبها خوف أو قلق وتتمتَّع بالثقة، حتى تستطيع مواجهة صعوبات الحياة، ولتحقيق هذا الهدف إليك بعض الخطوات العملية، على هدي السنة واقتداءً بتعاملات سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومن فَهم النفس واحتياجاتها، وكيف تزكيها وتنمي الثقة بها.
مؤلف كتاب نحو نفس مطمئنة واثقة
طارق بن علي الحبيب: طبيب نفسي سعودي، ولد في محافظة عنيزة في منطقة القصيم، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الملك سعود، ثم واصل دراساته العليا في الطب النفسي في أيرلندا وبريطانيا، وتتركَّز اهتماماته العلمية في علاج الاضطرابات الوجدانية وفي مهارات التعامل مع الضغوط النفسية وفي علاقة الدين بالصحة النفسية.
وهو بروفيسور، واستشاري الطب النفسي، والمشرف العام على مراكز “مطمئنة” الطبية، وبروفيسور واستشاري الطب النفسي في كلية الطب والمستشفيات الجامعية في جامعة الملك سعود في الرياض، ومستشار الطب النفسي للهيئة الصحية في إمارة أبوظبي، وكذلك أستاذ متعاون وممتحن لطلاب الماجستير والدكتوراه بكلية الطب بجامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية.
ويشغل منصب محكم علمي معتمد في المجلة العلمية لمنظمة الصحة العالمية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وكذلك في العديد من المجلات الطبية الأخرى، وأمين عام المجلس التنفيذي لمؤتمرات العلاج بالقرآن بين الدين والطب، ومستشار لجنة الطب النفسي والعلاج الروحي في الاتحاد العالمي للطب النفسي.
له عدة مؤلفات، من أشهرها:
كيف تحاور؟
التربية الدينية في المجتمع السعودي.
الفصام.
مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي.
العلاج النفسي والعلاج بالقرآن.
الطب النفسي المبسَّط.
علَّمتني أمي.