النفس
إذًا باب التوبة مفتوح دائمًا، والله لا يترك العبد ضالًّا طوال الوقت، بل يبعث له تنبيهات فإما أن يستيقظ، أو يطفئها ويكمل النوم، وقد يُعاد التنبيه، فهل يستيقظ؟ إنه الآن عند مفترق طرق؛ طريق محفوف بالشهوات لكن يؤدي إلى جهنم عفانا الله منها، وطريق آخر محفوف بالمكاره لكنه يؤدي إلى الجنة أكرمنا الله بها، فالطريق ليس ورديًّا، بل يحتاج إلى الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية، وللصبر على الطاعة أنواع: الصبر على المداومة بغير ملل يؤدي إلى الانقطاع، والصبر على مقاومة الرياء، فالنفس تميل إلى الثناء فتتحوَّل الوجهة من الطريق إلى الله إلى الطريق لرضا الناس، وهناك الصبر على التعلم وتحمل المجهود والوقت وشدة المُعلم، وأخيرًا الصبر على قلة الصُّحبة وكثرة الأعداء، الصبر صعب لكن تذكر دائمًا أن جزاءه عظيم، فقد قال الله تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا﴾.
وإلى جانب صعوبة الصبر فهناك عدو يسكن بين جنبيك ويتحكَّم فيك، ليس الشيطان بل نفسك، وللنفس ثلاثة أوصاف: النفس المطمئنة وخاطبها الله في قوله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾، فهي النفس التي تحب الطاعة، والنوع الثاني هو النفس اللوامة، وقد أقسم بها الله في قوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾، وما يُقسم الله إلا بعظيم، فهي جهاز إنذار يصرخ عندما نحيد لكن بكثرة التجاهل يسكت ويسلمنا إلى النوع الثالث وهو النفس الأمَّارة بالسوء، وهي عكس النفس المطمئنة تُحرِّكها اللذة والشهوة، لذا ينبغي أن نزكِّيها ونجاهدها، ليس بالجلد وازدراء النفس، بل بالتقييم الموضوعي لنقاط الضعف والقوة والأخذ بالأسباب بهدف التغيير.
وهناك نموذج للتقييم لإحياء النفس اللوامة، نحتاج فقط إلى ورق وقلم لسرد قائمة بالطاعات التي نرغب في المحافظة عليها، وقائمة أخرى بالمعاصي التي نرغب في التخلُّص منها، والتقييم من عشرة يقل تدريجيًّا في حالة عدم الالتزام، ففي حالة عدم الحصول على عشرة يتم البحث عن السبب وإيجاد حل للتحسين.
الفكرة من كتاب إلى الله: رحلة في خمسة أيام
هل تأتي معنا في رحلة؟ بالطبع سأخبرك بالوجهة، رحلتنا سوف تكون إلى الله، وسيصطحبنا في هذه الرحلة صاحبنا عُمر، شاب لم يكن يُصلِّي فرضًا، ولا حتى صلاة الجمعة، ولا يعرف عن صيام رمضان سوى السحور والإفطار والنوم من الفجر حتى المغرب، وبعد الإفطار يذهب إلى أصدقائه ليلعبوا (بولة استميشن)، ولا مانع من شرب الشيشة والحشيش، نعم كل ذلك في رمضان، وله حبيبة أيًّا كانت في علاقة غير شرعية، قلبه كان أعمى لكن الله (عز وجل) أعاد إليه بصيرته، فقد أعطاه فرصة تشبَّث بها وخاض رحلته إلى الله، يبعث الله إلينا أيضًا العديد من الفرص، لنتعرَّف كيف نتشبَّث بها كصديقنا عُمر، ونجد الطريق الصحيح إلى الله.
مؤلف كتاب إلى الله: رحلة في خمسة أيام
أمير منير: مُنشئ محتوى ديني، حاصل على درجة البكالوريوس في الصيدلة، وقد عمل في المجال لفترة لكن سرعان ما ترك المجال واتجه إلى التدريس، وبعد فترة ترك التدريس ليشقَّ طريقه في مجال الدعوة، ومنذ البداية وهو يستهدف الشباب، لذلك اختار طريقًا جديدًا للدعوة سلكه عبر فيسبوك وإنستجرام وتويتر، ويتواصل مع متابعيه عبر فيديوهات تتسم بالبساطة والحس الفكاهي، واختار لها عناوين مُرتبطة بالموضوعات الرائجة لجذب الشباب.