المرأة والطب.. والإسلام والغرب
المرأة والطب.. والإسلام والغرب
يبدو أن الغرب حين قرَّر وضع حقوق للمرأة بعد أن لم يكن يعتبرها إنسانًا وينظر إليها على أنها رجس وفي أوقات أخرى لم يكن يعتبر أن لها نفسًا أصلًا، يبدو أنه مع محاولاته العشوائية تلك لم يعطِها في النهاية حقوقها كاملة أو لم يعطِها ما تحتاجه من الحقوق، ولربما يفسِّر لنا هذا الدعاوى المستمرة للحرية والمساواة والنسوية لأن الأساس باطل، وبالتالي لا تزال المرأة في ظل القوانين الإنسانية تشعر أنها تفتقد شيئًا وأنها ليست على الخريطة الإنسانية، في حين أن الإسلام منذ سطوع فجره وفي ظل الشركيات، وفي ظل حربه ضد الكفر والفسوق وتأسيسه للدولة الإسلامية لم ينسَ، بل كان من أولوياته أن يؤصِّل حقوق المرأة وواجباتها في زمان الوأد، فلم ينفِ وجودها ولا كيانها ولم يعطها قدرًا أكبر من قدرها، وهذا التوازن لن تجد مثله إلا في الإسلام، الإسلام وفقط.
وهاك من الأمثلة ما يلي:
لقد سبقت كلٌّ من رفيدة وأم أيمن ونُسيبة المازنية وأم سنان الأسلمية وأم عطية الأنصارية وغيرهن؛ لقد سبقن نايتنغيل الممرضة الإنجليزية التي يفخر الغرب بها وينسبون إليها وضع الأسس الجديدة لمهنة التمريض، فهؤلاء النسوة سبقنها بقرون حين كن يخرجن في المعارك والغزوات في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) لمداواة الجرحى وصنع الطعام وسقيا الماء، بل وكانت تُنصب لبعضهن خيام خاصة يُرسل إليها الجنود للمداواة، وربما اُختصَّت إحداهن بتخصُّص طبي معين دون الأخرى، وليس في زمان النبي فقط، بل استمر ذلك بعده (صلى الله عليه وسلم)، ففي زمان الرازي كان يوكل مهمة الكشف النسائي إلى القابلة ويوجهها ويشرف على ذلك، واشتهرت نسوة كُثر بالتوليد، وأبدعن في ذلك على مر التاريخ الإنساني، وغيرهن كثيرات ومعروفات، ونختم هنا بشهادة مسيو ريفيل حيث يقول: “لو رجعنا إلى زمن هذا النبي لما وجدنا عملًا أفاد النساء أكثر مما فعله هذا الرسول، فالنساء مدينات لنبيِّهن بأمور كثيرة رفعت مكانتهن بين الناس”.
الفكرة من كتاب هكذا كانوا يوم كنا
يوصلنا الجهل أحيانًا إلى أن نعظِّم ما هو حقير، وأن نحقر ما هو عظيم، إلى أن نستهين بالحق ونعلي من الباطل، وإلى أن نطلق أحكامًا في الهواء لا أساس لها ولا برهان، فالعلم يضبط الموازين ويريك الصور على حقيقتها ويربط الأسباب بالنتائج والماضي بالحديث، ويريك التدرُّج التاريخي، ويطلعك على السنن الإلهية لتعرف أين كانوا وأين كنا!
مؤلف كتاب هكذا كانوا يوم كنا
حسان شمسي باشا: طبيب سوري من مواليد حمص عام 1951م، وكان من الخمسة الأوائل في كلية الطب، حصل على شهادة الدراسات العليا في الأمراض الباطنية من جامعة دمشق عام 1978، كما نال درجة الشرف الأولى في الرسالة التي أعدَّها بعنوان “اعتلال العضلة القلبية”.
سافر بعدها إلى بريطانيا للتخصُّص حيث مكث في لندن ومانشستر وبرستون زهاء عشر سنوات، تخصَّص خلالها بأمراض القلب، وعمل زميلًا باحثًا في أمراض القلب في مشافي جامعة مانشستر لمدة ثلاث سنوات، ثم ذهب إلى المملكة العربية السعودية عام 1988 ليعمل استشاريًّا لأمراض القلب في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة، ومن مؤلفاته:
الأسودان: التمر والماء.
قلبك بين الصحة والمرض.
الوقاية من أمراض شرايين القلب التاجية