الدين أساس العلم
الدين أساس العلم
قد يستنكر البعض حضور مبحث الدين في ظل التقدم العلمي والحضاري المادي البحت الذي نتحدث عنه، إلا إن المتأمل والباحث عن الحق سيصل في النهاية إلى حقيقة واضحة لا يُمكن أن يُنظر إلى الإنجازات البشرية إلا من خلالها، ولا يمكن أن تتم التعاملات الإنسانية إلا تحت مظلتها، وهي قضية الدين، الدين الذي تحرَّك به المسلمون الأوائل فبهروا العالم كله وساقوه خلفهم ثم لما تخلوا عن دينهم وأهملوه فأصبحوا هم المُساقين!
الدين الذي لما اصطبغوا بصبغته أنار لهم الطريق نحو المعارف الإنسانية التي تحتاجها البشرية ولا تستطيع الاستغناء عنها كالطب، الدين الذي أعلى من قيمة العلم، بل وأمرهم بالتعلم وحثَّهم في معظم آيات كتابه الكريم على السير في الأرض والتأمل والتفكُّر في خلق الكون والإنسان، والدين هو الذي ضبط لهم هذا كله بعيدًا عن الشعوذة والروحانيات الفاسدة، الدين الذي أعلى من العلماء واحترمهم ونسب العلم والفضل إليهم، والدين هو الأساس الذي أمدَّهم بأخلاقيات المهنة الإنسانية كما نسميها اليوم.
ما الذي يجعل المرضى الأوروبيين، ملوكًا كانوا أم أمراء أم غيرهم، يرفضون التداوي إلا على أيدي العرب المسلمين! وما الذي يجعل أهل الكتاب من سكان الدول المفتوحة فتحًا إسلاميًّا يعتنقون الإسلام أو يقبلون بالعمل تحت راية الدولة الإسلامية وفي بلاط الخلافة الإسلامية!
في حين كان حنين بن إسحاق تُقدَّر ترجمته للكتب في بلاط خليفة الدولة الإسلامية بوزنها ذهبًا يقبضه كمرتب له كان الحكم على جاليلو قد صدر بالقتل لكونه اعتقد بدوران الأرض حول الشمس، وبينما كان المعتصم يبكي على وفاة طبيبه المسيحي وأضرب عن الطعام حينها كانت أوروبا تحتفل بحرق جثة دي رومنس الذي حاول تفسير قوس قزح باعتباره انعكاسًا للضوء وليس انتقامًا من الله!
لقد أخرج العرب أوروبا من ظلمات العصبية والجهل والتشدُّد وأعطاها الحرية، وسمح لها بمشاركتهم الميدان، لا رغبة في سلطة ولا طمعًا في ثروة، ولا رغبة في السيطرة على العالم، فقد كانوا يملكون كل شيء، وإنما تكمن الإجابة في عنوان هذه الفقرة!
الفكرة من كتاب هكذا كانوا يوم كنا
يوصلنا الجهل أحيانًا إلى أن نعظِّم ما هو حقير، وأن نحقر ما هو عظيم، إلى أن نستهين بالحق ونعلي من الباطل، وإلى أن نطلق أحكامًا في الهواء لا أساس لها ولا برهان، فالعلم يضبط الموازين ويريك الصور على حقيقتها ويربط الأسباب بالنتائج والماضي بالحديث، ويريك التدرُّج التاريخي، ويطلعك على السنن الإلهية لتعرف أين كانوا وأين كنا!
مؤلف كتاب هكذا كانوا يوم كنا
حسان شمسي باشا: طبيب سوري من مواليد حمص عام 1951م، وكان من الخمسة الأوائل في كلية الطب، حصل على شهادة الدراسات العليا في الأمراض الباطنية من جامعة دمشق عام 1978، كما نال درجة الشرف الأولى في الرسالة التي أعدَّها بعنوان “اعتلال العضلة القلبية”.
سافر بعدها إلى بريطانيا للتخصُّص حيث مكث في لندن ومانشستر وبرستون زهاء عشر سنوات، تخصَّص خلالها بأمراض القلب، وعمل زميلًا باحثًا في أمراض القلب في مشافي جامعة مانشستر لمدة ثلاث سنوات، ثم ذهب إلى المملكة العربية السعودية عام 1988 ليعمل استشاريًّا لأمراض القلب في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة، ومن مؤلفاته:
الأسودان: التمر والماء.
قلبك بين الصحة والمرض.
الوقاية من أمراض شرايين القلب التاجية.