الفقر والليبرالية الجديدة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
الفقر والليبرالية الجديدة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
بدايةً، إن الفقر الذي يشير إليه “راي بوش” هو الحرمان من القدرة البشرية على التمتع بالخيارات والفرص الأساسية اللازمة لسعادة الفرد والأسرة والمجتمع، وفي العقدين الماضيين زاد الاهتمام بالفقر وتوزيع الدخل في الدول الواقعة جنوب العالم، وخصوصًا منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقد رأت المؤسسات الدولية والجهات المانحة للمساعدات، أن السبب في فقر هذه المنطقة راجع إلى عدم الاندماج في الاقتصاد العالمي، لذلك قررت أن العولمة هي الخيار المتاح والترياق الشافي لجميع أمراض العالم النامي، وأن على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعلُّم قواعد اللعبة، وأن تبدأ اللعب على أساسها، وقد ترتب على الإدماج المتفاوت للدول النامية في الاقتصاد العالمي ظهور نظم عمل قاسية وشديدة الاستغلالية أدت في أسوأ صورها إلى إحياء عمالة الأطفال، وربط العمالة بعقود عمل استعبادية، إلى جانب انخفاض التوظيف الناتج عن الخصخصة التي أدت إلى وجود فائض في العمالة ومن ثمَّ ظهور البطالة.
كما أدى الإدماج المتفاوت في الاقتصاد العالمي إلى ظهور واحدة من أهم التناقضات الهيكلية في الرأسمالية الحديثة، والمتمثلة في الاعتماد الكبير من جانب الدول النامية على الاقتصاد الريعي المتمثل في الموارد الطبيعية كالبترول والغاز، وإيرادات قناة السويس وتحويلات العاملين في الخارج كما في الحالة المصرية، ومن ثمَّ أصيبت هذه الدول بالمرض الهولندي، الذي يعني ارتفاع تكلفة صادراتها مقابل انخفاض سعر وارداتها، ما أدى إلى عدم قدرة صادرات هذه الدول على المنافسة، ومن ثمَّ زيادة القابلية للتأذي من تقلبات السوق العالمية، وبناءً على ذلك، فإن التحرر الاقتصادي، وتخلي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السبعينيات من القرن العشرين عن السياسات المركزية التي تقودها الدولة، والتصنيع القائم على الإحلال محل الواردات، لم يحقق التنمية، وفشل الاندماج في الاقتصاد العالمي في تقليل نسبة الفقراء، بل أدى إلى زيادتها!
وكان من النتائج المترتبة على اعتماد الأطر الليبرالية الجديدة إقصاء واختفاء العمال والفلاحين كفئة اجتماعية من عملية الإنتاج، وبالتبعية من الأسواق، ومن ثمَّ انخفض الاستثمار في القطاعات الزراعية، ما أدى إلى انتشار الفقر في الريف والقرى بشكل أكبر من المدن، فترتب على ذلك اعتماد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على استيراد الغذاء من الخارج، وأصبحت الليبرالية الجديدة تقوم بوسم الفقر في كل مكان بسمة جديدة وهي أنه إقصاء اجتماعي لانعدام الكفاءة الفردية!
الفكرة من كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
يستعرض الكتاب أسباب الفقر والجوع في جنوب العالم رغم وجود غذاء كافٍ لمنعهما، ويُبين أن الجوع والمجاعات وانعدام الأمن الغذائي والفقر جزء أساسي من الرأسمالية الحديثة والليبرالية الجديدة، ومن ثمَّ من المستحيل القضاء عليهم تحت مظلة الرأسمالية، كما يوضح أن جهود تخفيف عبء الديون التي تثقل الدول الفقيرة والنامية ومبادرات التنمية، لن تغيِّر من هيكل الاقتصاد العالمي، ولن تقلل الفقر بسبب الخصخصة وتحرير التجارة وإصلاح الأسواق، ويكشف ذلك من خلال استعراض أحوال دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودول إفريقيا جنوب الصحراء.
مؤلف كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
راي بوش: هو أستاذ الدراسات الإفريقية في كلية السياسة والدراسات الدولية في جامعة ليدز، وعضو في المجلس الاستشاري لمركز الدراسات الإفريقية بجامعة ليدز، ونائب رئيس مراجعة الاقتصاد السياسي الإفريقي، حصل على درجة الدكتوراه في العامل الاستعماري والتحول الاجتماعي من جامعة ليدز، له عدّة مقالات، ومن كتبه:
Marginality and Exclusion in Egypt.
Counter-revolution in Egypt’s countryside: land and farmers in the era of economic reform.
Economic Crisis and the Politics of Reform in Egypt.
معلومات عن المترجمين:
إلهام عيداروس: هي كاتبة ومترجمة مصرية، حاصلة على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وماجستير القانون الدولي لحقوق الإنسان من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، من ترجماتها:
النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود.
لغة مقدسة وبشر عاديون.
وليد سليم: هو مترجم مصري، حاصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ، له عدد من الأعمال المترجمة، منها:
مراسلات جورج أورويل.
وول ستريت: الإرهاب الحقيقي.
كيف صنع المسلمون أوروبا.