حيل تهريب المخدرات
حيل تهريب المخدرات
وقد اتخذت الشرطة وسائل أخرى تتمثَّل في شراء كبار تجار المخدرات الأجانب مقابل إمدادهم بمعلومات مهمة بشأن مستورديها، وبالفعل نجحت هذه الخطة في التوصُّل إلى مصانع المخدرات في أوروبا نفسها كسويسرا وفرنسا، والجدير بالذكر أيضًا أن مصنعًا واحدًا في فرنسا كان يصدِّر 4350 كيلوجرامًا من الهيروين، في الوقت الذي كانت احتياجات العالم أجمع من الهيروين في الأغراض الطبية تبلغ 2000 كيلوجرام فقط، فتدخَّلت الشرطة الدولية وعصبة الأمم في الأمر، وبهذا نجح راسل بك والداخلية المصرية في التصدِّي لتجارة المخدِّرات بشكل كبير للغاية عبر وسيلة وأد تلك التجارة من المنبع، أي من دول زراعتها وتصنيعها وتصديرها.
وقد اندهش كذلك من الحيل المتنوِّعة التي ابتكرها بارونات تجارة المخدرات لتهريب تجارتهم وتخزينها، مثل استخدام خزانات من جذوع الشجر بقاعٍ خفي، كما أنه في أحد الضبطيات اكتشف المسؤولون بالصدفة أن المهرِّبين قد وضعوا قطع الحشيش مكان نواة ثمار البرقوق في شحنة كبيرة كُشِف فيها عن 40 كيلوجرامًا من المخدرات.
وقد كان هناك تهريب أيضًا عبر الصحراء، فالمهرِّبون كانوا من قوافل العرب المسلَّحين بشكل يفوق خفر السواحل، وكان يتم نقل المخدرات من خارج مصر عن طريق ليبيا، إما من ناحية البر وإما من الساحل شمالًا، ولقد تميَّز العربان بمعرفتهم الشديدة للصحراء، وهذا ما جعلهم يسبقون قوات حرس الحدود في حالة ملاحقتهم، لذا عمل المسؤول عن قوات الحدود، الكولونيل هاتون، على إنتاج إطارات سيارات بنفس وزن أقدام الجمال، وبالفعل حدث ذلك في عام 1933.
ويمكن القول إن الوسيلة الوحيدة التي أنهت مشكلة تهريب المخدرات بحريًّا في مصر قد حدثت بالفعل مع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939م، وتوقُّف الرحلات البحرية، ومع الاختفاء التام للهيروين ارتفع الطلب على سوق الحشيش، ليركِّز مكتب مكافحة المخدرات على الحدود الشرقية التي يأتي منها هذا المُخدِّر.
الفكرة من كتاب النسخة النادرة من مذكرات توماس راسل.. حكمدار القاهرة 1902/ 1946
في عام 1902م، بدأ توماس راسل حياته في مصر بالعمل لدى وزارة الداخلية أثناء الاحتلال البريطاني، وما هي إلا أعوام قليلة حتى استطاع أن يتولَّى منصب حكمدار القاهرة، وهي مكانة مهمة تجعله على رأس شرطة العاصمة، إلا إنه كان مختلفًا بعض الشيء عما عرفه المصريون من الإنجليز، فقد أحدث تطوُّرات واسعة في وقت عانت فيه مصر من الجريمة وانتشار المخدرات التي أهلكت نصف سكانها آنذاك.
ولعلَّ ما يميِّز هذا الكتاب هو سرده الصريح لفترة ندر الحديث عنها في سجلات التاريخ، والتي تتطرَّق إلى أحوال مصر في بداية القرن العشرين، والتي يسردها أخطر وأدهى رجال البوليس الإنجليز آنذاك، ومؤسس أول مكتب لمكافحة المخدرات في مصر، توماس راسل.
مؤلف كتاب النسخة النادرة من مذكرات توماس راسل.. حكمدار القاهرة 1902/ 1946
توماس وينتورث راسل: (1879-1954) هو ضابط شرطة إنجليزي خَدَم في مصر أثناء فترة الاستعمار الإنجليزي، وقد درس العلوم الإنسانية في جامعة كامبريدج، ثم اتجه إلى العمل بوزارة الداخلية المصرية بعد أن استقر وعاش معظم حياته في مصر، وتولَّى منصب حكمدار القاهرة برتبة فريق أول، وهو أعلى منصب أمني بالعاصمة، ويُذكر لراسل أساليبه الجديدة التي أدخلها في الشرطة المصرية، ونجاحه في مكافحة المخدِّرات التي كانت قد وصلت ذروتها خلال أواخر العشرينيات.
معلومات عن المترجم:
مصطفى عبيد: هو كاتب وصحفي وباحث تاريخي ومترجم مصري، تخرَّج في قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة، وقد عمل بالصحافة والتأليف والترجمة، ومن مؤلفاته كتاب “كتب هزَّت مصر”.