مصر ومعركة المخدرات
مصر ومعركة المخدرات
أما بالنسبة لقضايا تجارة المخدرات فأكثر ما اشتاط راسل منه غضبًا هو تجارة الهيروين، وما كان يفعله من نتائج كارثية مقارنةً بالأنواع الأخرى آنذاك، وأولئك الذين حقَّقوا ثروات بتشجيع الناس على تدمير أجسادهم وأرواحهم، ولم ينسَ أبدًا مشاهد أولئك الناس المدمنين في مستشفى السجن حينما كانوا يتلوَّون في فترات انسحاب المخدرات، ولقد ظهر الكوكايين لأول مرة في القاهرة عام 1916م، في حين أن أول من باع الهيروين كان كيميائيًّا قاهريًّا، وقد عرضه في صيدليته بشكل عادي للغاية مع فشل السلطات الصحية والشرطة في إدانته، لتزداد شهرة ذلك المخدِّر لدرجة أن هناك مقاولين قد باعوا شركاتهم للحصول عليه.
وفي عام 1928م ظهر الحقن الوريدي للهيروين في القاهرة، وفي نفس الفترة أبلغت السلطات الصحية الشرطة أن وباء الملاريا قد انتشر بسبب إبر وسرنجات حقن المخدر، وبالفعل عانت مصر آنذاك من انتشار المخدر الأبيض بشكل مفزع، وحينها جمعت الشرطة المصرية بقيادة راسل بك المعلومات عن تجار المخدرات، وبدأت الحكومة في تشديد القوانين والتشريعات التي كانت مقتصرة على غرامة بسيطة أو السجن لبضعة أيام، ولا يندهش البعض حين يعلمون أن في ذلك الوقت كان نصف المصريين البالغ عددهم 14 مليون شخص، يتناولون هذا المخدر!
وعلى الفور وافق رئيس الوزراء على تشكيل مكتب مركزي لاستخبارات المخدرات بقيادة توماس راسل، وتم منحه سلطات واسعة وميزانية ضخمة، وبدأ عمله بتشديد الرقابة على ميناء الإسكندرية كونه المدخل الرئيس للمخدرات من أوروبا، كما حصل راسل على استثناء واضح فيما يخص الامتيازات الأجنبية التي كانت تحمي المهربين الأجانب ليتمكَّن من محاكمتهم، كما حقَّق راسل فكرته بالاستعانة بقوات الطيران المصرية لاستكشاف زراعات نبات الخشخاش الذي كان يتم إنتاج مخدر الأفيون منه.وعلى الفور وافق رئيس الوزراء على تشكيل مكتب مركزي لاستخبارات المخدرات بقيادة توماس راسل، وتم منحه سلطات واسعة وميزانية ضخمة، وبدأ عمله بتشديد الرقابة على ميناء الإسكندرية كونه المدخل الرئيس للمخدرات من أوروبا، كما حصل راسل على استثناء واضح فيما يخص الامتيازات الأجنبية التي كانت تحمي المهربين الأجانب ليتمكَّن من محاكمتهم، كما حقَّق راسل فكرته بالاستعانة بقوات الطيران المصرية لاستكشاف زراعات نبات الخشخاش الذي كان يتم إنتاج مخدر الأفيون منه.
الفكرة من كتاب النسخة النادرة من مذكرات توماس راسل.. حكمدار القاهرة 1902/ 1946
في عام 1902م، بدأ توماس راسل حياته في مصر بالعمل لدى وزارة الداخلية أثناء الاحتلال البريطاني، وما هي إلا أعوام قليلة حتى استطاع أن يتولَّى منصب حكمدار القاهرة، وهي مكانة مهمة تجعله على رأس شرطة العاصمة، إلا إنه كان مختلفًا بعض الشيء عما عرفه المصريون من الإنجليز، فقد أحدث تطوُّرات واسعة في وقت عانت فيه مصر من الجريمة وانتشار المخدرات التي أهلكت نصف سكانها آنذاك.
ولعلَّ ما يميِّز هذا الكتاب هو سرده الصريح لفترة ندر الحديث عنها في سجلات التاريخ، والتي تتطرَّق إلى أحوال مصر في بداية القرن العشرين، والتي يسردها أخطر وأدهى رجال البوليس الإنجليز آنذاك، ومؤسس أول مكتب لمكافحة المخدرات في مصر، توماس راسل.
مؤلف كتاب النسخة النادرة من مذكرات توماس راسل.. حكمدار القاهرة 1902/ 1946
توماس وينتورث راسل: (1879-1954) هو ضابط شرطة إنجليزي خَدَم في مصر أثناء فترة الاستعمار الإنجليزي، وقد درس العلوم الإنسانية في جامعة كامبريدج، ثم اتجه إلى العمل بوزارة الداخلية المصرية بعد أن استقر وعاش معظم حياته في مصر، وتولَّى منصب حكمدار القاهرة برتبة فريق أول، وهو أعلى منصب أمني بالعاصمة، ويُذكر لراسل أساليبه الجديدة التي أدخلها في الشرطة المصرية، ونجاحه في مكافحة المخدِّرات التي كانت قد وصلت ذروتها خلال أواخر العشرينيات.
معلومات عن المترجم:
مصطفى عبيد: هو كاتب وصحفي وباحث تاريخي ومترجم مصري، تخرَّج في قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة، وقد عمل بالصحافة والتأليف والترجمة، ومن مؤلفاته كتاب “كتب هزَّت مصر”.