إعداد
حُسن الإلقاء والتأثير في الناس يبدأ من حُسن الإعداد لذلك، وأولى خطوات الإعداد هي اختيار الموضوع المناسب، بِناء على معرفتنا بالجمهور والعوامل المحيطة وتحديدنا للهدف المطلوب. ومعرفة الجمهور تعني معرفة السن والجنس والمهن والخلفية الثقافية والاهتمامات والمشكلات الخاصة به، مع الانتباه لأن بعض الكلمات والحركات قد تُقبل في مجتمعات دون غيرها وأن الحديث مع المتخصصين ليس كالحديث مع عامة الناس. أما العوامل المحيطة فيُقصد بها المكان والزمان والأحداث الجارية، فلا يُطيل المتحدث إن كان المكان صغيرًا على الحضور مثلًا، وإن كان الوقت المحدد له قصيرًا فلا يختار موضوعاتٍ كثيرةَ التفاصيل، وينتبه لأحداثٍ كهطول أمطار أو قرب موسم الامتحانات. وهدفنا من الحديث يمكن أن يكون إمتاع الجمهور فنختار موضوعات بسيطة وطريفة مع جوائز وهدايا مثلًا وفرصة لمداخلات الجمهور، وإن كان الهدف هو الإقناع كما في الموضوعات المتعلقة بالتربية والعادات السليمة مثلًا فيكون في حديثنا أدلة علمية وقصص واقعية ورمزية وعرض للأسباب والمآلات وترغيب وترهيب، وإن كان الهدف هو الإخبار كما في الحديث عن صفة صلاة النبي أو عن كيفية اختيار التخصص الجامعي فيكون في المحتوى تعريفات وشرح وخطوات عملية وأشكال توضيحية وتكرار للأفكار المحورية.
وبعد اختيار الموضوع نُعدُّ عناصر الكلمة أو المحاضرة التي سنلقيها، مع مراعاة الوقت المتاح لنا للإلقاء. نبدأ باستهلالٍ نذكر فيه الله ونُرحب بالحضور ونشكر المنظمين، ونحفظه جيدًا للتغلب على الخوف. ثم تكون المقدمة التي نجذب بها انتباه المستمعين، ويمكن أن تكون استشهادًا بآية أو حديث أو شعر، أو تساؤلًا أو حقيقةً عجيبة أو قصة أو تجربة شخصية أو ربما تخرج عن المألوف فتمزق ورقة نقدية لتتحدث عن إهدار المال أو تصمت لبعض الوقت قبل أن تبدأ الحديث عن الصبر. ثم نحضر متن الموضوع فنقسمه إلى أفكار أساسية عددها من ثلاث إلى خمس أفكار، وفي كلٍّ منها أفكار فرعية، ونُضيف نقاط دعمٍ كآيات وأحاديث وأقوال مأثورة وإحصاءات، ولنحاول عرض الأرقام بطريقةٍ جذابة كأن نشبهها بشيءٍ محسوس مثل قولنا: سقط من ارتفاع مئذنة مسجد بدلًا من ارتفاع تسعة أمتار، ونقول: اثنان من كل خمسة طلاب بدلًا من 40% من الطلاب.
ثم يكون الختام بملخصٍ وتوصيات أو سؤال تشجيعي أو توبيخي، ولا نكرر الاعتذار عن الإطالة أو الملل ولا نقول “هذا كل ما لدي”، ثم الإغلاق بألفاظٍ بلاغية مختصرة مع شكرٍ للمستمعين.
الفكرة من كتاب المتحدث البارع
للكلمات أثرٌ كبير في حياتنا، يتغير بها الكثير في تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، وبها دعا الأنبياء الأمم إلى الحق والخير، وبها قامت حروب وتآلفت قلوب. والإلقاء مزيجٌ من فن وعلم وموهبة نعبر به عن أفكارنا لنؤثر في الناس ونقنعهم ونمتعهم، ويقدم لنا الكتاب نصائح عملية كثيرة لنُحسِّن الإلقاء والحديث أمام الناس، بدءًا من الإعداد والتحضير إلى وقت الحديث وما بعده.
مؤلف كتاب المتحدث البارع
ياسر بن بدر الحُزيمي، محاضر وكاتب سعودي. حصل على بكالوريوس اللغة العربية من جامعة الملك سعود عام 1421 هـ، وعلى دبلوم عالي في الإرشاد الأسري من جامعة الملك فيصل عام 1429 هـ.
يُشرف على “منصة خطوة” التي تقدم محتوى توعويًّا وتربويًّا وعلميًّا ومهاريًّا من خلال منتجات مرئية ومسموعة ومقروءة، ومن مؤلفاته: كتاب “الشخصية القوية” وكتاب “بريدي – رسائل وإجابات في مجالات الحياة”.