تركيبتنا الجسدية والسعادة
تركيبتنا الجسدية والسعادة
يرى شوبنهاور أن جيناتنا هي المسؤولة عن قابليتنا للسعادة أو التعاسة، فلنكون سعداء يجب أن نملك مزاجًا سعيدًا، وبالتالي ينفي إمكانية أن نغيِّر أنفسنا، ويؤيد الكاتب بشكل جزئي ما يقوله شوبنهاور، لكن يختلف معه في تقليله من قدرتنا على التأثير في حساسيتنا الخاصة وجعلها منفتحة أكثر لتحقيق آمالنا، حيث يرى الكاتب أن الأبحاث بالفعل أثبتت وجود قابلية للسعادة أو التعاسة بداخلنا، ومع ذلك فإنها تتأثر بالعوامل الخارجية، وبإمكاننا أن نكون أقل أو أكثر سعادة بتغيير تصوراتنا وأفكارنا، فثَبتَ أن الأشخاص المتفائلين الذين ينظرون إلى الحياة بثقة يجذبون إليهم التجارب الإيجابية أكثر من المتشائمين.
كما اكتشفت الأبحاث العلمية وجود جزئيات موجودة في المخ تؤثر في هنائنا وتوازننا الشخصي، فمثلًا يتوافق هرمون الدوبامين مع الطاقة، وتساعد مادة أستيل كولين على الإبداع، فهذه الوسائط العصبية تؤثر في تصرفاتنا، لكن إن زاد مثلًا الدوبامين عن الحاجة فقد يؤدي إلى أفعال عنيفة، فالحقيقة أن حياتنا تتأثر بشكل كبير بدماغنا والمواد الكيميائية التي يفرزها الجسم، لكن ذلك لا يعني أن هذه النواقل العصبية والهرمونات محددات مُطلقة لشخصياتنا، بل بإمكاننا التأثير فيها بتغيير عاداتنا وأفعالنا.
نوع الوعي الذي نملكه يؤثر في سعادتنا أيضًا، حيثُ أثبت باحثون في علم الأعصاب أنه يوجد رابط بين التركيز والهناء من جهة، وبين التشتُّت والشقاء من جهة أخرى، واستُخدم هذا الاكتشاف كوسيلة لعلاج الاكتئاب تعتمد على التركيز على اللحظة الراهنة، أو ما أُطلق عليه “الوعي الكامل”، فأقل تجربة في حياتنا يمكن أن تكون مصدرًا للهناء من خلال تركيزنا عليها دون التفكير في أي شيء آخر، لكن علينا أيضًا أن نترك لأنفسنا لحظات لتحرير الذهن، والأهم من ذلك يجب أن نتذكَّر اللحظات السعيدة، حيثُ تتغذَّى السعادة على وعينا بكوننا سعداء.
الفكرة من كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
لطالما كانت السعادة موضوعًا أساسيًّا يشغل بالنا، وقد نمضي حياتنا كلها في ملاحقته، لذا من الجيد أن نعرف أننا لسنا بمفردنا، وأن الكثير من العقول التي مرَّت على تاريخ البشرية وقفت أمام السعادة وتساءلت عن معناها وعن سبيل الوصول إليها، ويقدِّم لك هذا الكتاب رحلة فلسفية ستسير فيها جنبًا إلى جنب مع الفلاسفة، لتعرف كيف كانوا يُفسِّرون السعادة.
مؤلف كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
فريدريك لونوار: عالم اجتماع، ومُحاضر، وكاتب فرنسي، وُلد في يوليو 1962 في مدغشقر، ويعمل منذ عام 1991 كباحث في جامعة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية التي حاز منها شهادة الدكتوراه.
من أعماله: “روح العالم”، و”وعد الملاك”، و”قوة الفرح”.
معلومات عن المترجم:
خلدون النبواني:كاتب ومُفكر وفيلسوف سوري، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الأوروبية المعاصرة من جامعة السوربون، وُلد في سوريا عام 1975، وله العديد من المؤلفات بالعربية والفرنسية.
من ترجماته: “سر الصبر”، و”الفلسفة في زمن الإرهاب: حوارات مع يورغن هابرماس وجاك دريدا”.