العلاقة بين السعادة واللذة والمعنى
العلاقة بين السعادة واللذة والمعنى
كانت السعادة موضوعًا أساسيًّا نوقش في فلسفتي أرسطو وأبيقور، وقد أكد أرسطو في كُتبه أن السعادة هي الهدف الأوحد الذي نبحث عنه لذاته، حيثُ وجد الإغريق أن الحياة السعيدة هي التي تمنحنا اللذة التي بدورها تعمل كمُحرِّك لأفعالنا، ومع ذلك رفضت بعض الفلسفات الاعتماد على اللذة لأنها طارئة وغير مُحدَّدة أخلاقيًّا، ففضَّلوا اللجوء إلى الزهد، وقد رفض أرسطو ذلك التصور ورأى أن السبب هو تركيزهم على اللذات الحسية، وإغفال اللذات المعنوية كالحب والصداقة، فسِرُّ الحياة السعيدة عند أرسطو هو التعقُّل، فالعقل يُنظِّم الملذَّات ويخلق السعادة الفُضلى التي تقع بين البحث الأعمى عن اللذة، والزهد التام.
اتفق أبيقور مع أرسطو حول أهمية اللذة في تحقيق السعادة، وقسم الملذات إلى ثلاثة أنواع: ملذَّات طبيعية وضرورية كالطعام والشراب والمسكن يمكن الاكتفاء بها، وملذَّات غير ضرورية كالملابس الفخمة ويمكننا السعي وراءها، وملذَّات غير طبيعية وغير ضرورية كالسلطة والترف، وهي ملذَّات يجب تجنُّبها، والفضيلة الأسمى عند أبيقور هي التعقُّل أيضًا، حيث يتفق مع أرسطو على أهمية توازن اللذَّات وتجنُّب المبالغة، سواء في الزهد أو الفجور، وأكَّدت بعض الدراسات العلمية نظرتهما، لأن الخبرات التي تمنحنا اللذة تساعد على استقرار هنائنا الذاتي.
اختيار اللذات ليس أمرًا هينًا، فنحن نختار اللذات التي تضيف لنا معنى ما ونتجنَّب الخالية من المعنى، وهذا المعنى يختلف من شخص إلى آخر، لكننا نعترف بضرورته من أجل توجيه حياتنا وبنائها، ومع ذلك لم يتفق جميع العلماء حول تلك العلاقة بين اللذة والمعنى، ففرويد مثلًا رأى أن المحرِّك الأساسي للإنسان هو اللذة، ولم يهتم بالمعنى على عكس الدكتور فيكتور فرانكل، والواقع أن النظريتين فيهما جزء حقيقي، فالطبيعة تدفع الشخص إلى البحث عن الأمرين، فالسعادة لا تبدأ بوصولنا إلى الهدف، وإنما تحدث في الرحلة التي تمنحنا لذة اتخاذ الخطوات والوِجهة المرغوب فيها.
الفكرة من كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
لطالما كانت السعادة موضوعًا أساسيًّا يشغل بالنا، وقد نمضي حياتنا كلها في ملاحقته، لذا من الجيد أن نعرف أننا لسنا بمفردنا، وأن الكثير من العقول التي مرَّت على تاريخ البشرية وقفت أمام السعادة وتساءلت عن معناها وعن سبيل الوصول إليها، ويقدِّم لك هذا الكتاب رحلة فلسفية ستسير فيها جنبًا إلى جنب مع الفلاسفة، لتعرف كيف كانوا يُفسِّرون السعادة.
مؤلف كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
فريدريك لونوار: عالم اجتماع، ومُحاضر، وكاتب فرنسي، وُلد في يوليو 1962 في مدغشقر، ويعمل منذ عام 1991 كباحث في جامعة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية التي حاز منها شهادة الدكتوراه.
من أعماله: “روح العالم”، و”وعد الملاك”، و”قوة الفرح”.
معلومات عن المترجم:
خلدون النبواني:كاتب ومُفكر وفيلسوف سوري، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الأوروبية المعاصرة من جامعة السوربون، وُلد في سوريا عام 1975، وله العديد من المؤلفات بالعربية والفرنسية.
من ترجماته: “سر الصبر”، و”الفلسفة في زمن الإرهاب: حوارات مع يورغن هابرماس وجاك دريدا”.