قواعد الاحتمالات والفوضى
قواعد الاحتمالات والفوضى
في مجال تعلم الآلة، تُسْتَخدم خوارزمية Naive bayes classifier كتطبيق مباشر لنظريات عالمي الرياضيات والإحصاء “بايز” و “لابلاس”، تشرح هذه النظريات الطريقة التي يمكننا بها أن نتوقع حدوث أمر ما بناءً على معلومات سابقة أو تجارب مشابهة، وهي تتخذ أشكالًا عديدة على حسب التوزيع الإحصائي للبيانات، فمثلًا تخبرنا النظرية أن التوقع الأمثل لوقوع حدث ينتمي إلى مجموعة Power-Law distribution يتبع قاعدة المضاعفة، وهي تلك الأحداث التي إما أن تكون قصيرة ومحدودة وإما أن تكون ممتدة بشكل كبير(مثل إيرادات الأفلام السينمائية أو توزيع الثروات)، أي أن الحدث يتوقع أن يصل إلى ضعف قيمته الحالية، وعند توقع الأحداث الممتثلة لظاهرة التوزيع الطبيعي، من الحكمة أن نميل إلى توقع المتوسط الحسابي، القيم الأقل تكون احتمالية حدوثها ضعيفة، والأكثر تعد زيادة عن الطبيعي (مثل توزيع الأطوال)، وقد تتخذ الأحداث صورة توزيع “إيرلانج” كتلك التي تفصلها فترات زمنية مثل حركة المرور، حينها تفترض نظرية “بايز” قاعدة الإضافة، مهما طالت المدة الزمنية فإن احتمالية انتهائها متساوية في جميع الأحيان.
الحديث عن الاحتمالات يوجهنا إلى الجزء الغامض من علوم الحاسب، فمع أن تنفيذ أغلب الخوارزميات يتسم بالحتمية أي أن نتائجها ثابتة كل مرة بشرط توحيد المعطيات، فهناك نوع من الخوارزميات يعتمد على العشوائية كليًّا أو جزئيًّا، هذا النوع لا يُرَى نظريًّا فقط بل هو ضروري في بعض المجالات، فعلى سبيل المثال، يعتمد مجال التشفير على اختبار “ميلر-روبن” للأعداد الأولية، تعود فكرة هذا الاختبار إلى تجربة عينة عشوائية من الأرقام في مجموعة معادلات تحدد ما إذا كان الرقم أوليًّا، ومع أنها عرضة للخطأ الضئيل فإنها تظل أكثر الطرق كفاءة لمثل هذه الحسابات، وفي مجال تعلم الآلة تقوم خوارزمية Hill-Climbing بتغييرات عشوائية في مسار البحث عن أفضل الحلول حتى لا تتعثر في حلول غير مُرْضِيَة، والخلاصة هنا أن القليل من العشوائية قد يكون أسلم الطرق عندما لا نملك خيارًا آخر.
إلى جانب العشوائية، انضمت إلى مجال علوم الحاسب مؤخرًا نظرية الألعاب Game Theory، وهي نظرية اقتصادية تنسب إلى عالم الرياضيات “جون ناش”، أثبت فيها ناش أن جميع الألعاب والتفاعلات الاجتماعية يمكنها أن تحقق توازنًا لا يرغب فيه أي لاعب أن يغير مكانته أو مكسبه مما يهدئ المنافسة، ولكن هذا التوازن لا يمكن حسابه بسهولة أو قد لا يمكن الوصول إليه من الأساس. وعندما يصبح التوازن خيارًا غير مناسب أو غير صحي، فإنه من الممكن محاولة تغيير قواعد اللعبة في ما يعرف بتصميم آلية اللعبة Mechanism design.
الفكرة من كتاب خوارزميات للعيش وفقًا لها: العلوم الحاسوبية للقرارات البشرية
يتخيل أغلب الناس أن الحواسيب الآلية هي آلات تؤدي بعض المهام عن طريق إجراء حسابات لا نهائية كما يوحي الاسم، ولكن علماء الحاسب سيخبرونك بقصة مختلفة كثيرًا.
فعلى سبيل المثال تتصف البرامج الحاسوبية بالكفاءة عندما تقوم بأقل عدد ممكن من العمليات الحسابية، وعند تصميم الخوارزميات تتم الاستعانة بعلوم الرياضيات والإحصاء لتصميم نماذج يمكنها حل المشكلات والاستفادة المثلى من الموارد المحدودة للحاسب، التي تتمثل في الوقت المستغرق في العمليات الحسابية، والمساحة المتاحة لتخزين البيانات المطلوبة.
وبإلقاء نظرة سريعة على أغلب المشكلات التي تواجه الأفراد في المجتمع، يمكننا تصنيفها إلى نوعين: الأول يختص بعلاقة الإنسان بنفسه وعناصر الطبيعة من حوله، والآخر ينشأ من ديناميكية العلاقة بين الإنسان والمجتمع، وتتشارك هذه المشكلات في أنها غالبًا ما تظهر نتيجة لطبيعة الوقت والمكان المحدودة، وبهذا يتبين أن الإنسان والحاسب عليهما مواجهة المعوقات والقيود نفسها التي تجعل اتخاذ القرارات السليمة أمورًا في غاية الصعوبة والتعقيد، وبخاصة عندما لا يتوافر القدر الكافي من المعطيات وتصبح الغاية هي محاولة الاقتراب من الحل الصحيح قدر الإمكان.
مؤلف كتاب خوارزميات للعيش وفقًا لها: العلوم الحاسوبية للقرارات البشرية
توم جريفيث: هو بروفيسور ورئيس معهد علوم المخ والإدراك في بيركلي، عمل مدرسًا مساعدًا بقسم علم النفس والعلوم المعرفية بجامعة “براون”. حصل “جريفيث” على الماجستير والدكتوراه من جامعة ستانفورد، ويدور عمله حول استخدام أساليب تعلم الآلة في دراسة المهارات الذهنية لدى الإنسان مثل التعلم والذاكرة وغيرها.
توم جريفيث: هو بروفيسور ورئيس معهد علوم المخ والإدراك في بيركلي، عمل مدرسًا مساعدًا بقسم علم النفس والعلوم المعرفية بجامعة “براون”. حصل “جريفيث” على الماجستير والدكتوراه من جامعة ستانفورد، ويدور عمله حول استخدام أساليب تعلم الآلة في دراسة المهارات الذهنية لدى الإنسان مثل التعلم والذاكرة وغيرها.
معلومات عن المترجم:
د. إيهاب عبد الرحيم علي: طبيب وكاتب ومترجم علمي مصري حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة أسيوط، عمل طبيبًا في وزارة الصحة المصرية ورئيس قسم التأليف والترجمة في مركز تعريب العلوم الصحية بالكويت.