ما بين الاستمرارية والأمان النفسي
ما بين الاستمرارية والأمان النفسي
آخر ما ينبغي التطرق إليه هو الموت، الذي ينتظر كل شخص منا مهما كان منصبه وثروته، والموت يمكن تعريفه بأنه وضع حد للاستمرارية، تلك الاستمرارية التي نسعى إليها جميعًا عبر رغباتنا المستمرة، وما يستمر بالفعل هي تلك الأفكار الداخلية التي تراودنا باستمرار حول ما نرغب به، كفكرة تحقيق هدف أو فكرة منصب أو مال أو أيًّا يكون، وهذا ما يجب إنهاؤه، لأنه إن لم ينتهِ فسيكون المرءُ ميتًا قبل أن يأتي الموت إليه، لأنه ببساطة لم يستشعر أي شئ، وكل ما فعله هو التطلّع إلى المستقبل لأنه لم يفهم الحاضر.
والإنسان منا يخاف الموت لأنه مجهول لا علاقة لنا به، لكن المدهش أننا قد لا نعرف عن الحياة إلا القليل والسطحي فقط، ونهمل التمعّن في ما هو مهم بها، وفي الوقت نفسه ننوي متابعة تلك الأمور السطحية، ثم إننا لماذا نبتغي الاستمرار أصلًا، وكل ما علينا فعله هو فهم الحياة وفهم ذلك المجهول على أنه مجهول.
ومن الضروري أيضًا أن يركز الذهن على ما هو فيه فقط، فحين يأكل يجب أن يفكر فقط في طعامه بانتباه ودون تعجل، وكذلك الأمر في العمل وفي الكيفية التي يتحدث فيها الزوج مع زوجته وما إلى ذلك، وهذا ما يرى الكاتب أنه التعريف الحقيقي للتأمل، وبشكل أدق فتلك الأمور تستدعي انتباهًا وليس تركيزًا، فهذه التصفية هي السكون الذي يمكن من خلاله حل المشكلات، فجميعنا نعلم أن الكوب يكون مفيدًا حينما يكون فارغًا فقط، وكذلك الإنتاج والإبداع لا يحدثان إلا في الذهن الفارغ.
الفكرة من كتاب ماذا أنت فاعل بحياتك؟
إننا نعيش هذه الحياة بكامل لحظاتها المتنوعة بين السعادة والبؤس، والأمان والخوف، والسلام والحروب، فنرى أن البؤس منتشرٌ أكثر، والقلق هو آفة العصر بأكمله نتيجة لنظام عالمي جعل الإنسان قلقًا بشأن كل شيء تقريبًا، ماضيه وحاضره وبشكل خاص مستقبله، لكن ما الحل إذًا؟ هل يكمن في محاولة فهم الحياة أم تقبلها كما هي؟
في الحقيقة، قد تصعب الإجابة على ذلك السؤال، لكن قد نصل إلى أننا البشر قد تفننا في اختلاق مهارب عديدة من مآسينا، ثم غرقنا في فخ المقارنات ومحاولة السيطرة على كل شيء تقريبًا، وهذا ما جعل الكاتب يتوصل إلى حلٍّ ما، حل مرتبط للغاية بفهم الذات.. فكيف يكون ذلك؟
مؤلف كتاب ماذا أنت فاعل بحياتك؟
جدو كريشنامورتي (1895- 1986)، فيلسوف وكاتب هندي، هدف في كتاباته ومحاضراته إلى البحث في العقل والعلاقات والمجتمع، وارتباط التغيير بين المجتمع والفرد، وقد استطاع التأثير في ملايين الأشخاص في رحلاته حول العالم، كما ألّف نحو خمسة وسبعين كتابًا، وسبعمئة شريط صوتي، وبيعت أكثر من أربعة ملايين نسخة من كتبه، ومن أهم مؤلفاته:
يقظة الفطنة.
الحرية الأولى والأخيرة.
التحرر من المعلوم.
معلومات عن المترجم:
ديمتري أفييرينوس، كاتب ومترجم يوناني من أم سورية، مما أكسبه قدرة على اكتساب اللغة العربية وترجمة العديد من الكتب والمؤلفات إليها، كما أنه عمل باحثًا في العلوم اليونانية والتعرف على الأديان.