الإعلام والمجتمع
الإعلام والمجتمع
يؤثر الإعلام في القضايا بقدر ما يساعد على انتشارها بين الأفراد، وتقديم تفاسير تشكِّل وعيهم وإدراكهم بها، وتوجيه الاهتمام إليها، وهو ما نجحت به العديد من وسائل الإعلام في دول عربية مختلفة، في تناولها لقضايا ومشكلات تعاني منها مجتمعاتهم.
فمثلًا نجحت وسائل الإعلام السورية في حملاتها لتنظيم الأسرة في خفض معدلات نمو السكان، وأيضًا في اليمن نجحت وسائل إعلامها في نشر الثقافة الطبية الوقائية ضد العديد من الأمراض الوبائية، وأخيرًا الحرب التي شنَّتها وسائل إعلام الكويت على الإدمان، وقد أشارت العديد من الإحصائيات إلى الدور الفعال الذي لعبه الإعلام في إحداث الفارق.
على الجانب الآخر يتم تزييف الوعي بالقضايا المجتمعية نتيجة تصادمها مع مصالح القوى التي تدعم وسائل الإعلام، سواء كانت قوى تجارية اقتصادية أو سياسية نظامية، فبدلًا من نقل الصور وإشراك المشاهد في الأحداث وتعرية الحقيقة، تمارس عدة أساليب للتضليل والخداع وتفتيت الأحداث لقمع وقهر نفس وعقل المشاهد ليقبل التفسيرات المقدمة له حتى لو كانت عكس الواقع.
يتم ذلك بآليتين شهيرتين في الأوساط الإعلامية، وهما: التهميش والإزاحة من دائرة الاهتمام، والتجزئة والتفتيت، حيث تُقدَّم الأحداث بعيدة ومنفصلة بعضها عن بعض ولا تربط بينها علاقة كلية، ونلاحظ ذلك عندما يتم ربط الأوضاع الكارثية بأسباب غير حقيقية، أو مقارنتها بأوضاع أسوأ في بلاد أخرى، إضافةً إلى تصويرها بأنها حتمية الحدوث ولا نملك لها دفعًا، وأن أي تغيير سيكون بالتأكيد نحو الأسوأ.
الفكرة من كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًّا جدًّا في تشكيل الوعي، إن لم يكن دورها هو الأكبر، وبطبيعة الحال فإن تلك الوسائل هي كيانات لها مصالحها وأهدافها وقوى اقتصادية وسياسية محركة لها، ولذلك فإن الدور الذي تلعبه مشروط بمصالح تلك القوى، فهل يشكِّل الإعلام وعيًا حقيقيًّا بالمشكلات الاجتماعية أم يزيِّفها؟
هذا هو السؤال المحوري الذي لا نستطيع الإجابة عنه حتى نقارن بين الصور التي تنقلها وسائل الإعلام والواقع، هل تضخِّم المشكلة أم تضعها في حجمها الصحيح؟ هل تتناولها من الأساس أم تهمِّشها وتتجاهلها؟ تشير بأصابع الاتهام حول الأسباب الحقيقية أم تدير وجهها إلى ناحية أخرى؟ تطرح حلولًا واقعية ممكنة التنفيذ أم مجرد ديباجات؟ في كتابنا سنتناول أربع قضايا هي: الهجرة غير الشرعية، وتجارة الأعضاء البشرية، والعدالة الاجتماعية، وثورتا مصر، ونرى كيف تعاملت وسائل الإعلام معهم.
مؤلف كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
محمد سيد أحمد: مصري الجنسية حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع السياسي، له العديد من المؤلفات في علم الاجتماع، أشهرها:
الخطاب السياسي للطبقة الوسطى المصرية.
مجتمعات آيلة للسقوط.