بذور القيم
بذور القيم
التربية هي عملية غرس بذور وليس تلقينًا، وهذا الغرس يحتاج منك مقوِّمات إيجابية مثل الذكاء والصبر والمرونة، لذا لكي تربِّي أطفالك على أداء العبادات وبخاصةٍ الصلاة، عليك تدريج عبادة الصلاة عند طفلك، ففي البداية عليك تعويده على أداء الصلاة، ثم تعليمه كيفية أدائها بشكل صحيح، وكلما أحسن العمل كافئه وشجِّعه، ثم علِّمهُ كيفية إتقانها، ولا بد من التحلِّي بالمرونة، فمن الخطأ أن تأمره من البداية إتقان الصلاة والخشوع فيها، هنا أنت تحمِّله ما لا يطيق كطفل، وعليك باللين والرفق أثناء تعليمه مع قليل من الحزم.
تذكَّر ألا تكون أنت العائق أمام طفلك وسبب نفوره من أداء الصلاة بكثرة عقابك له أو إعطائه أوامر صعبة، ولا تقدِّم الفضل على الفرض في البداية، فمثلًا في الشتاء البارد ما دام وضوؤه ما زال صحيحًا لا تجبره على الوضوء عند كل صلاة، وما دام يحب صلاة الجماعة معك اجتهد أن يُلازمك في الصلاة.
ويجب أن تراعي حالة أطفالك النفسية، فمثلًا إذا سقط ابنك وشعر بالألم فبدأ بالبكاء الشديد وقد قامت الصلاة، لا تتجاهل ألمه وبكاءه وتبدأ بالصراخ فيه كي يعجِّل ويقوم للصلاة، فهو طفل يحتاج أولًا إلى الاحتواء وحضن مُحب من أمه أو أبيه حتى يفرغ من ألمه وبكائه ثم يقوم ويؤدي صلاته حين يهدأ، ولا تعظه بأن الصلاة ماسحة لألمه، لأن هذا الموقف ليس مناسبًا كي تعلِّق طفلك بالصلاة.
هناك مواقف أخرى من الممكن ربط طفلك فيها بالصلاة، فمثلًا إذا كانت الأم تسير مع طفلها في الشارع وسمع خطبة صلاة الجمعة فعليها تشجيعه وحثُّه أن صلاة الجمعة للرجال فرض، وتخبره أنها ترى أنه طفل مُحمَّل بسمات الرجولة فتشجِّعه على الذهاب لأدائها، وأيضًا موقف آخر: لو كنت جالسًا مع ابنك المراهق وعلمتما بوفاة أحدهم وهو ساجد في صلاته، فحدِّثه بشوقٍ أن هذه خاتمة حسنة يرجوها أي مسلم، وأنه من الأكيد أن هذا الرجل كان مُنتظمًا في الصلاة، وبهذه الطريقة استطعت استخدام المواقف لصالح الطفل، ولا تستخدم أسلوب المقارنة أو النقد، وكذلك احرص على تعليم أطفال غيرك من المسلمين الصلاة، حتى يسخِّر الله لأطفالك من هم مثلك.
الفكرة من كتاب كيف تجذبين طفلك للصلاة
الصلاة عماد الدين، وهي ركيزة أساسية في حياة المُسلم، لذا فهي بذرة واجب غرسها في قلب وعقل الطفل المسلم منذ الصغر بأساليب تربوية إبداعية، لأن عقل الطفل عبارة عن لوحة فارغة، وأنت الفنان الذي ترسم بريشتك فيها كما تحب، فإذا أردت إنتاج لوحة خلَّابة عليك الاجتهاد فيها واختيار ألوانها المناسبة، ولأن أفضل أنواع التربية هي التربية عن طريق الربط الإيجابي، فعلى الأمهات والآباء وضع خطط إبداعية لتحبيب أطفالهم في القيام بفريضة الصلاة على أكمل وجه وانتظام منذ بداية إدراكهم، وتعويدهم على العبادات الإيمانية، وربطهم بمعانيها، ويجب أن يجتهد الوالدان في ذلك ويضعان خطة، فلن يكون طفلك ناجحًا في حياته إلا بالصلاة وأيضًا في الآخرة، وعليهم أن يغرسا حب الدين في قلوب أطفالهما، لذا جاء هذا الكتاب ليكون تذكرة للوالدين على جذب أطفالهم إلى الصلاة، وكيف يتعاملون مع أطفالهم لو لم يصلُّوا، لأنهم أمانة ومسؤولية أمام الله (عز وجل).
مؤلف كتاب كيف تجذبين طفلك للصلاة
رضا الجنيدي: كاتبة متخصصة في مجال الأسرة وداعية إسلامية، ومدرِّبة معتمدة من جامعة القاهرة، حاصلة على ليسانس آداب قسم علم نفس، وتمهيدي ماجستير، ومسؤول قسم تطوير المرأة والطفل بجمعية مجيب السائلين الخيرية، ومستشار نفسي وتربوي بشبكة الألوكة، ولديها عدة كتيبات صغيرة منها: “الشرح التربوي والتعليمي لقصة سميَّة بنت خياط للمراهقين”، و”فنون الحب في الإسلام”، و”ما لا يدركه الرجال وتحتاجه النساء”.