جمهور الشائعة وتصديقها
جمهور الشائعة وتصديقها
كما أن لكل شيء سوقًا، ولكل محتوى زبائنه، فإن للشائعة سوقها أيضًا، فإذا انتشرت شائعة في مدينة القاهرة، فإن جزءًا من سكان القاهرة سوف يسمعون بها، وجزءًا أصغر سوف يصدقونها، لأن كل شائعة تختلف عن الأخرى، لأنها تتناول حدثًا محدَّدًا وخاصًّا، ومن ثمَّ فإن الجمهور الذي سوف يهتم بها ويتناقلها هو الجمهور المعني بها ومن تأثيرها وتبعاتها، وهناك عدَّة عوامل تحدِِّد الجمهور المعني بالشائعة، وتدفعنا إلى تصديقها، ومن هذه العوامل “التجربة” في إحدى الدراسات تم إطلاق شائعة مفادها أن القهوة ضارة بالصحة وتعزِّز الإصابة بمرض السرطان، وكان من المفترض أن يهتمَّ بالشائعة كبار مستهلكي القهوة، إلا إن العكس هو ما حدث، فالأشخاص الذين هم أقل استهلاكًا للقهوة كانوا أكثر ميلًا إلى تصديق الشائعة من غيرهم، والسبب في ذلك راجع إلى أن كبار مستهلكي القهوة لم يجدوا أي رابط منطقي بين استهلاك القهوة وإصابتهم بالسرطان، ومن ثمَّ رفضوا تصديق الشائعة بناءً على تجربتهم.
ومن تلك العوامل أيضًا الإجماع، لأن الإجماع يقوم على تقويض القناعات السابقة الراسخة، ومثال ذلك أنه في إحدى التجارب جلس ثمانية أشخاص -سبعة منهم كانوا على عِلم بالتجربة، وتلقَّوا تعليمات تحتِّم عليهم اختيار إجابة لا شك في أنها خاطئة- أمام شاشة عُرِض عليها في الجهة اليسرى خط مستقيم، وفي الجهة اليمنى ثلاثة خطوط أخرى، طول أحد الخطوط في الجهة اليمنى يساوي طول الخط المستقيم في الجهة اليسرى، في حين أن طول الخطين الآخرين مختلفان بشكل واضح لا يقبل الشك، وكان على الأشخاص الثمانية أن يحدِّدوا أيًّا من الخطوط الثلاثة على يمين الشاشة يماثل الخط على يسار الشاشة، وكان يفترض بكل شخص أن يقول إجابته بصوت مرتفع دون أن يناقش الآخرين، وكان الشخص محلَّ التجربة هو آخر من يقول إجابته، وتكرَّرت التجربة مع أكثر من شخص، فكانت النتيجة أن أحد الأشخاص قرَّر أن يجيب بناءً على قناعاته الشخصية بغض النظر عما قاله الآخرون، وعبَّر بعد التجربة أنه تردَّد كثيرًا قبل أن يختار الإجابة المقتنع بها رغم تأكُّده من صحَّتها، وعندما تكرَّرت التجربة مع شخص آخر، وجدوا أنه تبنَّى رأي الجماعة واختار الإجابة الخاطئة، وعبر بعد التجربة قائلًا لو كنت أول من يجيب لاخترت الإجابة الصحيحة، وبناءً على ذلك تبيَّن لنا هذه التجربة مدى تأثير رأي الجماعة في الأشخاص في قبول وتصديق الشائعة، خصوصًا إذا كانوا أصدقاء أو أقرباء أو جيرانًا محل ثقة حتى وإن كانت قناعاتنا ترفض تصديق الشائعة.
ومن العوامل الحاسمة أيضًا في تصديق الشائعات: الرغبة في تصديقها، فالشائعة لن ترى النور ما لم تشبع رغبة أو تستجيب إلى هاجس داخلي، فالعامة تتمسَّك دائمًا بالافتراءات والأسرار الخاصة والفضائح، وتحوِّلها إلى شائعات عندما تلبِّي منفعة أو مصلحة ما، فالشائعة لا تقنع، بل تغوي.
الفكرة من كتاب الشائعات… الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم
يستعرض الكتاب نشأة الشائعات ووظيفتها التي تقوم بها، وسبب انتشارها وتصديق الناس لها، ويذكر أنواعها، والقائمين على ترويجها، وكيف يتم تعطيل فاعليتها، فيأخذنا في جولة ممتعة خلال الكتاب، تبدأ من لحظة ظهور الشائعة ومصدرها، إلى زوالها وانتهاء دورها أو القضاء عليها.
مؤلف كتاب الشائعات… الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم
جان نويل كابفيرير: هو أحد المختصين في العلامات التجارية، وأحد مروِّجي المفاهيم الأساسية لإدارة العلامات التجارية الحديثة، له أحد عشر كتابًا عن الاتصالات والعلامات التجارية، منها:
The Luxury Strategy: Break the Rules of Marketing to Build Luxury Brands.
The New Strategic Brand Management: Advanced Insights and Strategic Thinking.
Strategic Brand Management: new approaches to creating and evaluating brand equity.
معلومات عن المترجمة:
تانيا ناجيا: مترجمة.
ومن ترجماتها:
تسلية الأذكياء.
الأسبرين: قصة استثنائية لعقار أعجوبي.