الحب غير المشروط.. أصل الحلول
الحب غير المشروط.. أصل الحلول
بعيدًا عن كل ما مضى تعالَ نختم حديثنا بشيء من العواطف قليلًا، الأمر الذي يهون علينا كل ما مضى، الحب الذي يولد بداخلنا لتلك الكائنات اللطيفة منذ ولادتها بل منذ تكونها وتخليقها في الأرحام، وينمو مع الأيام وتتعدد أشكاله بحسب الأحوال والاحتياجات والمراحل العمرية، قد لا تفهم تلك الكائنات الصغيرة ما نقدمه لهم على مر السنين وبخاصة في سن المراهقة، بل قد يصل بهم الأمر لأن يظنوا بنا عكس مقصدنا خصوصًا في لحظات القرارات الحاسمة التي لا نقاش فيها، لا بأس ما زالوا صغارًا وغدًا يفهمون أن التربية تتطلب قدرًا كبيرًا من الصبر!
في أثناء ذلك، سنضطر ولا بد إلى مخالفتهم في أمور عدة، إن لم نفعل فلن نستطيع تربيتهم تربية سليمة صحيحة يستطيعون من خلالها التعامل مع العالم من حولهم، نعم سنغدقهم بالحب والمودة وسنثني على أفعالهم وصفاتهم الحسنة لنكسبهم ثقة في أنفسهم واحترامًا لذواتهم وقدرة على تحمل المسؤوليات والصعاب، ومع هذا علينا أن نقوّمهم إذا أخطؤوا وأن نساعدهم بتوجهيهم إلى علاج أخطائهم وتحمل مسؤوليتها وعواقبها، وعلينا لتحقيق ذلك أن نهيئ لهم بيئة منزلية صحية ونظامًا وروتينًا يوميًّا يساعدهم على التعلم والإبداع، نعم ستكون الموازنة صعبة إلا أنها مطلوبة ومهمة لأبعد مدى، بغير تسلط قهري أو تدليل مفرط.
هذا التوازن سيتيح لهم مساحات شاسعة من التفكير والإبداع والمرح عكس ما هو متبادر إلى الذهن، لن يمنعهم الروتين والنظام اليومي من الاستمتاع بالحياة والتعلم منها، ولكن سيوجههم ويفرغ طاقاتهم في ما ينفعهم بل وسيستخرج منهم أفضل ما فيهم، أضف إلى ذلك أن نظرتنا إليهم وتعليقاتنا الموجهة إليهم مؤثرة أيضًا في نظرتهم إلى أنفسهم، لذا علينا أن نتذكر دائمًا أن الهدف مما نفعل في النهاية أن ننشئ أفرادًا مستقلين قادرين على الاعتماد على أنفسهم واتخاذ قرارتهم بل والمشاركة في تحمل الأعباء الأسرية والمجتمعية من حولهم.
ثم إن لم يكن من نتاج هذا كله إلا أنه سيقي أبناءنا آثارًا ومخاطر داخلية كالخوف والجبن والاتكالية، وخارجية كالصحبة السيئة والفشل الدراسي والعلاقات المحرمة، فيكفينا ذلك، ودعك من دعاوى الترف هذه الأيام، فإغداق المال وحفلات عيد الميلاد وتلبية الرغبات كلها لا تنشئ جيلًا مسؤولًا لديه قيم ومبادئ يعيش وفقها ويدافع عنها، وإنما تنشئ جيلًا مهزوزًا لا يستطيع أن يتخذ قرارًا في ما يخص أدنى احتياجاته، جيلًا ملتصقًا بوالديه يخاف مجرد فكرة الانفصال عنهم، ونسمع اليوم عبارات كثيرة مثل: ما رأيكم في لباسي؟ أي قسم عليّ أن أدرس؟ من أتزوج؟ والأمثلة كثيرة لا حصر لها.
الفكرة من كتاب التربية الوالدية: رؤية منهجية تطبيقية في التربية الأسرية
لا ملل ولا تعب من تكرار التأكيد والتنبيه على أهمية تكوين الأسر وبنائها على أساس قويم متين، وما نشهده اليوم في العالم من حولنا ما هو إلا تداعيات وثمار أسر هوت منذ سنين، أسر أسست بنياها على الحافة فانهارت وانهارت معها قيم المجتمع السليمة وأعرافه الأصيلة بل ودينه القويم!
إن بناء الإنسان أشرف وأخطر بناء على وجه الأرض، وما تكريمه ورفعته إلا من جهة ذلك، فإن أضعنا وعطلنا أصل التكريم والتشريف فقد قضينا على الإنسانية بدم بارد، بل وقضينا وأفسدنا الكون كله المسخر أصالة لخدمة ذلك الإنسان وتسهيل حياته، الخلاصة: إن فسدت الأسرة فسد الإنسان وبفساده يفسد الكون كله!
مؤلف كتاب التربية الوالدية: رؤية منهجية تطبيقية في التربية الأسرية
هشام يحيى الطالب، حاصل على البكالوريوس والدكتوراه في الهندسة الكهربائية، شغل مناصب عدة في منظمات إسلامية مختلفة ونظم العديد من دورات التدريب القيادي داخل وخارج أمريكا وله عدة مؤلفات منها: “ميثاق الشرف الدعوي”، و”دليل التدريب القيادي للعاملين المسلمين”.
عبد الحميد أحمد أبو سليمان، حاصل على الماجستير في العلوم السياسية وعلى الدكتوراه في العلاقات الدولية، شغل عدة مناصب هامة منها الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومدير الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، وله العديد من المؤلفات المعنية بإصلاح المجتمع الإسلامي منها: “أزمة العقل المسلم” و”إحياء التعليم العالي في العالم الإسلامي”.
عمر هشام الطالب، حاصل على الماجستير والدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة شيكاجو، عمل في عدة مناصب وكتب العديد من الأبحاث عن الأسرة والتربية وله حضور في العديد من المؤتمرات الدولية في أنحاء العالم.