المرأة المسلمة بين نارين
المرأة المسلمة بين نارين
قدَّم الإسلام في تشريعه أهم الضمانات لتحقيق الحرية الإيجابية للمرأة، فالحرية قبل كل شيء هى قيمة مقدَّسة شرعًا، وحق مفروض، وواجب ديني كبير، وهي مطلب عام ومعنى فطري، ولكنها كذلك ليست قيمة مطلقة، لذلك فنحن نحتاج إلى بيان عصري إسلامي رشيد لهذا المعنى في خطاب يصدر عن نصوص الوحي وهدي التشريع.
والمرأة في المجتمعات الإسلامية اليوم بين نار فئتين: الأولى تطالب بالانفتاح دون ضوابط، وتسعى إلى
الإفراط في الحرية، والثانية متشدِّدة تهدف إلى التضييق على واقع المرأة كما لو كان هو التطبيق الفعلي للإسلام فتقيِّد حرية المرأة وتأخذ أدنى حقوقها، وترفض أي تعديل إيجابي قد يهزُّ الحال القائم. والمرأة مظلومة في الحالين، فبخسها حقوقها ظلم وهضم، وتحميلها ما لا تطيق باسم المساواة ظلم آخر.
والجامع لهذه الأخطاء هو الإفراط في الخوف على المرأة في مجتمعنا، ما يجعلنا نركِّز على وعظها وإرشادها وتحذيرها وسدِّ كل الأبواب في وجهها مخافة الفتنة والشبهة، ولكن على الرغم من أن هذا الخوف محمود بذاته فإنه بحاجة إلى الضبط والتعديل والتوازن لأن الدين والواقع والقناعات لا ينبغي أن تكون من الهشاشة بحيث تكون قابلة للذوبان عن أدنى سبب طارئ.
والمطلوب هنا هو تسليح المرأة بالثقة بنفسها، وثقة الناس بها، والوازع الديني الذاتي في نفسها، وتوفير الفرص لها من خلال المؤسسات المعنيَّة بالمرأة في صيغة إسلامية متزنة دفاعًا عن المرأة، وحمايةً لها من العدوان الشخصي وأشباهه، وإحياءً لسنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وعملًا بوصيته حين قال: “استوصوا بالنساء خيرًا”.
لكي نصل إلى هذا الطرح الإسلامي المعتدل في تبنِّي حقوق المرأة كما حماها الإسلام منذ أربعة عشر قرنًا، وكان وسيلة لاسترجاعها من ظالميها، فينبغي انتقاد وتقويم سلوك المجتمع تجاه المرأة حتى لا نظل مسكونين بهاجس قضية الصراع مع أطراف أخرى، ما يحرمنا صحة النظر إلى قضايا المرأة ومهمتها.
الفكرة من كتاب بناتي
في رسالة لإحدى بناته، يعبِّر سلمان العودة عن تفهُّمه لآثار الظروف المحبطة المحيطة والنماذج السيئة التي تصد عن سبيل الله، والفهم المؤدلج الذي ضيَّق سعة الدين وغيَّب المفهوم الإنساني للحياة وللدين معًا، لكنه مع ذلك يؤكد أن العنف الذي يمارس باسم الله سواء كان أسريًّا أو اجتماعيًّا أو دينيًّا هو عدوانية شخصانية تدَّعي التديُّن بينما الدين رحمة وسماحة.
من هذا المنطلق يوجِّه العودة كتاب “بناتي” إلى البنات في كل الأعمار، ويطمح أن يصل إليهن سالمًا من العيب والنقص، فيقدِّم لهن النصائح من خلاصة تجاربه وملاحظاته الشخصية، لكنه كذلك يناقش سؤالًا مجتمعيًّا مهمًّا، ألا وهو: إلى متى نظل نصنع المقدِّمات الجميلة عن حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام ثم نفشل في تطبيقاتها الميدانية اليومية الصغيرة في المنزل والمدرسة والسوق والمسجد؟
مؤلف كتاب بناتي
سلمان بن فهد العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “هموم فتاة ملتزمة “، كما قدم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.