الورق في مصر والمغرب الإسلامي
الورق في مصر والمغرب الإسلامي
عرفت مصر الورق عن طريق بلاد الشام في القرن الثالث الهجري، وبحلول القرن الرابع الهجري أضحى الورق يصنع بمصر، وتشير الشواهد الأثرية إلى أن المصريين قد هجروا أوراق البردي وانحازوا للورق، كما أشار أحد الرحَّالة الذي زار مصر عام 613 هجريًّا إلى أن تصنيع الورق من نبات البردي قد أضحى شيئًا من الماضي، وكانت مصانع الورق بحاجة إلى كمّيات وفيرة من الألياف، وكان الكتان أحد المنتجات الرئيسة في مصر منذ عصور ما قبل التاريخ، فعمد بعض الحكام وولاتهم في العصر الإسلامي إلى زراعة الكتان بدلًا من القمح، بوصفه محصولًا نقديًّا رئيسًا في مصر، وعلى هذا النحو أضحت صناعة منسوجات الكتان الصناعة الرئيسة في مصر، وقد شكَّلت صادرات مصر منه إمدادات مصانع النسيج في المغرب وغرب آسيا وأوروبا، لكن هذه السياسة القصيرة النظر التي استبدلت القمح بالكتان أدت إلى نقص عام في الأغذية وتفشي المجاعات والأوبئة في مصر.
وتُشير الرسائل والصكوك التي عُثر عليها في وثائق الجنيزة بمصر إلى أن المصريين صدَّروا الورق إلى المغرب واليمن والهند، وكذلك العراق، وقد تركَّز الورَّاقون في القاهرة على مرمى حجر من الجامع الأزهر الذي كان مركز الحياة الفكرية في القاهرة، وكانت سوق الورَّاقين قريبة من مدرسة السلطان الأشرف برسباي، وبحلول القرن العاشر الهجري حلَّ تجَّار النسيج محل الورَّاقين ما يُعد أمارة على اضمحلال صناعة الورق في مصر، وهذا راجع إلى أن الورق كان باهظ الثمن نسبيًّا في مصر، وقد استغل الأوربيون وبالأخص الإيطاليون ذلك، فأغرقوا السوق المصرية بأوراقهم بأسعار منخفضة عن الأوراق المصرية، وبأقل من تكلفة تصنيعها وبثمن بخس، لزيادة حصتهم في السوق المصرية، ما شكل ضربة قوية وقاتلة لصناعة الورق في مصر، على الرغم من أن الورق الأوروبي كان رديئًا جدًّا على حد قول القَلقشندي وهو كاتب مصري معاصر لتلك الفترة.
وقد دخل الورق إلى المغرب الإسلامي عن طريق مصر في بواكير القرن الثالث الهجري، ومُورست فيها صناعة الورق في القرن الخامس الهجري، كما دخل الورق إلى شبه الجزيرة الإيبيرية (الأندلس) في القرن الرابع الهجري، نتيجة عمليات التبادل التجاري بين مصر والأندلس التي تشهد وثائق الجنيزة بالقاهرة على عمقها، وتأسست مصانع الورق في جميع أنحاء الأندلس بحلول القرن الخامس الهجري، وكان الورق الأندلسي يحظى بتقدير كبير وصُدِّر إلى جميع أنحاء البحر المتوسط.
الفكرة من كتاب قصة الورق … تاريخ الورق في العالم الإسلامي قبل ظهور الطباعة
يتحدث الكاتب عن الكتابة وحوامل الكتابة منذ أن بدأ الإنسان التدوين، وصولًا إلى اختراع الورق وفضل المسلمين في تطوير تقنيات صناعة الورق ونقلها إلى جميع ديار الإسلام ومنها إلى أوروبا، كما جادل الكاتب في أن اختراع المطبعة على يد جوتنبرج ما كان ليُجدي نفعًا لو استخدمت آلته في الطباعة على الرَّق المصنوع من جلود الحيوانات، لأن تكلفة طباعة الكتاب على الرَّق كانت تساوي تقريبًا تكلفة نسخ الكتاب بخط اليد، ومن ثمَّ كان العالم سيستغرق وقتًا طويلًا ليدرك فوائد المطبعة، لو لم يُعرف سرّ صناعة الورق على أيدي المسلمين.
مؤلف كتاب قصة الورق … تاريخ الورق في العالم الإسلامي قبل ظهور الطباعة
جوناثان بلوم : هو مؤرِّخ وأستاذ فنون أمريكي، عمل أستاذًا مزدوجًا في جامعة نورمان جان كالديروود للفنون الإسلامية والآسيوية في كلية بوسطن، كما عمل محاضرًا في جامعة هارفرد، حاصل على بكالوريوس الآداب في تاريخ الفن من جامعة هارفرد، كما حصل على ماجستير الآداب في تاريخ الفن من جامعة ميتشيغان، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة في تاريخ الفن ودراسات الشرق الأوسط من جامعة هارفرد عن أطروحته “المعنى في العمارة الفاطمية المبكرة”، من كتبه:
Islamic Arts.
Islam: A Thousand Years of Faith and Power.
The Minbar from the Kutubiyya Mosque.
معلومات عن المترجم:
الدكتور أحمد العدوي: هو باحث ومؤرِّخ مصري، مُتخصِّص في التاريخ الإسلامي، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الآداب من قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، وقد عمِل باحثًا ومحاضرًا بجامعتي القاهرة والأزهر في مصر، ويعمل حاليًّا أستاذًا مساعدًا بقسم العلوم الإسلامية بكلية الإلهيات بجامعة (ÇOMÜ) بتركيا، من ترجماته:
جيش الشرق: الجنود الفرنسيين في مصر ١٧٩٨-١٨٠١.
نشأة الإنسانيات عند المسلمين وفي الغرب المسيحي.