عالم الديجيتال المظلم
عالم الديجيتال المظلم
يتوقَّع مهندسو الحواسيب أن في المستقبل القريب لن يكون من السهل التفريق بين البشر والروبوتات، لأن الروبوتات ستتجوَّل بيننا وسيرعون أطفالنا، وسيصبحون رفاقنا المحبوبين، وهناك توقُّع مخيف منتشر بكثافة أن الذكاء الاصطناعي غير الودود سيصير عما قريب سيدنا الأعلى، وهذا الأمر لا ينتشر بين غريبي الأطوار مروِّجي نظريات المؤامرة فقط، بل بين الكثيرين، ومن الوقائع التي حدثت بالفعل حادثة وفاة عامل فولكس فاجن الألمانية الذي حمله روبرت فجأة وسحقه حتى الموت! رغم ذلك فإن الروبوتات في الحقيقة غبيَّة مقارنةً بالبالغين العاديين، بل حتى مقارنةً بالأطفال، ومن ثمَّ يوجد أمران في ثورة الذكاء الاصطناعي، أولهما: أنه لن تطوِّر الروبوتات ذكاءً شريرًا من تلقاء ذاتها، بل ستعكس نزوع مبرمجيها من البشر، وبالنظر إلى مدى الشر الذي يقدر عليه البشر فإن الأمر مقلق للغاية، الأمر الثاني أن تدميرية الذكاء الاصطناعي لن تأتي عمدًا، بل ستكون نتيجة لأهداف غير دقيقة، فهي لا تحبنا ولا تكرهنا، وكل ما في الأمر أنك مصنوع من ذرَّات يمكن استخدامها لبناء شيء آخر!
وبالنظر إلى أرض الواقع فإننا نجد تأثير علم الروبوتات والذكاء الاصطناعي في مستقبل الوظائف، فعندما ظهر النموذج الأوَّلي لسيارة جوجل ذاتية القيادة عام 2014، وقُدِّمت كتكنولوجيا صالحة للترويج التجاري، أعرب الكثيرون عن قلقهم من البطالة، ففي أمريكا وحدها خمسة ملايين سائق تجاري مهدَّدين بفقد وظائفهم بين عشيَّة وضحاها! فالماكينات لن تبتلع الوظائف اليدوية فقط، بل والمعرفية أيضًا، إذ تقدِّر بعض الدراسات أن نصف الوظائف في أمريكا وبريطانيا ستصبح آلية تمامًا في المستقبل القريب، بما في ذلك الوظائف التي حسبناها ستبقى حكرًا على البشر، مثل حلاقي الشعر والممرضين في أسفل سلم الدخل، ومحللي البيانات والمحامين في أعلى سلَّم الدخل!
إن هذه التطوُّرات توضِّح إلى أي درجة صارت المهارات خالصة البشرية على وشك أن يقوم بها الروبوت، بل وصل الأمر إلى صناعة “قِس آلي” عام 2017 يُبارك الجموع بخمس لغات، وصناعة “كاهن آلي” بمعبد لونغ تشيوان في ضواحي بكين، ما ينذر بأن مستقبل الروحانيات سيكون ميكانيكيًّا!
وبناءً على ذلك، أصبحت الوظائف تتحدَّد وفقًا لقوى اجتماعية واقتصادية هي ما يحدِّد إن كانت تلك الوظائف أو المهمات ستصير مؤتمتة -آلية- أم لا، وهناك منطقان يحكمان ذلك؛ المنطق الأول: هل الاستثمار في روبوت اقتصادي أم لا؟ لذلك لن ترى على سبيل المثال روبوتًا ينظِّف منزلك، لأنه من الأرخص توظيف الناس، والمنطق الثاني: القوة الاقتصادية، وخير مثال على ذلك استراتيجية “شركة أوبر” التي تعتمد في نموذجها على العمالة الرخيصة، سائقين منعزلين بحقوق قليلة، يدفعون الحد الأدنى للرواتب للأسفل، وللنجاة من ذلك لا بد من رد فعل سياسي يقوم بالتركيز على البشر عوضًا عن الروبوتات.
الفكرة من كتاب الأسوأ لم يأتِ بعد… دليل ما بعد رأسمالي للنجاة
يبيِّن الكاتب خلال صفحات الكتاب أن أسوأ الأيام في ظل الرأسمالية لم تأتِ بعد، وأن ما نشاهده من لا مساواة في الدخل، وتصاعد القلق والخوف وزيادة حالات الانتحار، وغيرها من الأمور الناتجة عن الرأسمالية ما هي إلا نقطة في بحر مما سوف نراه من كارثة ودمار قادم!
مؤلف كتاب الأسوأ لم يأتِ بعد… دليل ما بعد رأسمالي للنجاة
بيتر فليمنغ: هو كاتب ومؤلف للعديد من الكتب التي تدرس وتوضِّح الجانب السيئ والمظلم من الرأسمالية، ومن كتبه:
Dark Academia: How Universities Die.
Sugar Daddy Capitalism: The Dark Side of the New Economy.
The Death of Homo Economicus: Work, Debt and the Myth of Endless Accumulation.
The Mythology of Work: How Capitalism Persists Despite Itself.
معلومات عن المترجم:
محمد أ. جمال: هو روائي ومترجم مصري من الإسكندرية، من مؤلفاته:
خيبة أمل.
طيران.
من ترجماته:
أهلًا بالعالم: أن تكون إنسانًا في عصر الخوارزميات.
أهلًا بك في بيت القرود.
في قلب البحر: مأساة الحواتة إسكس.