عصر الدرون
عصر الدرون
يحذِّر محللو الذكاء الاصطناعي أن ما يجب أن يقلقنا ليس فكرة التحكُّم فينا بواسطة روبوتات أو استبدالهم بنا، بل فكرة أن نصبح نحن أنفسنا مثل الروبوتات! مجتمع أوتوماتيكي بالكامل يطرح بشرًا أوتوماتيكيين، وهذا ما يحدث بالفعل للذين يتحكَّمون بالمركبات القتالية عن بُعد (الدرون) في سوريا وأفغانستان، ففي إحدى المقابلات الصحفية مع قائد الدرونات السابق “مايكل هاس” يقول فيها: إنه قام بمهمات في الشرق الأوسط من غرفة تحت الأرض في ولاية نيفادا، ثم يلخِّص وظيفته فيقول: هل دهست نملًا بقدمك يومًا ولم تفكِّر في ما فعلت مرتين؟ هكذا تفكِّر في أهدافك، بقع سوداء على الشاشة، وعليك أن تقتل جزءًا من ضميرك لتقوم بوظيفتك يوميًّا، فالدرون يأتيك بلا تحذير مسبق، يتحكَّم فيه من بعيد، ويضربك من حيث لا تحتسب! وبناءً على ذلك يرى بعض النقاد أن الرأسمالية قد ارتطمت بالقاع من خلال الأفكار الاقتصادية الفاشية التي تسبِّب الأزمات الاقتصادية العالمية، وذوبان الجليد القطبي، وصعود دونالد ترامب إلى السلطة، لكن في الحقيقة لم نصل إلى القاع بعد، فنحن على أعتاب سقوط هائل وكارثي في عالم مظلم جديد!
لك أن تتخيَّل أن “كورت فالدهايم” الذي كان يعمل ضابطًا في الجيوش النازية، التي تسبَّبت في قتل 83 ألف إنسان في معسكر ياسنوفاك، ارتقى بعد الحرب ليشغل منصب سكرتير عام للأمم المتحدة، وكانت آخر أعماله تسجيل رسالة صوتية وُضِعت على متن المسبار الفضائي “فوياجر 2″، فلك أن تتخيَّل أن أول صوت بشري يمكن أن تسمعه الكائنات الفضائية -إن وجدت- نيابةً عن جميع البشر، هو صوت يقترن بواحدة من أسود لحظات القرن العشرين! ومن ثمَّ فليس المهم ما يُقال، بل المهم من يقوله! فهذه المهزلة تُعبِّر عن حضارة بلغت تقدمًا تقنيًّا مذهلًا، لكنها منخورة الأساس!
كما أن النقد والإنكار الإيجابي للمجتمع الذي يجب أن يحرِّرانا امتصَّتهما معضلة الرأسمالية الميتة وجعلتهما عدوانيَّين، فتكنولوجيا التواصل الاجتماعي التي يُفترَض أن تحرِّرنا من هيمنة الشركات على الشبكة العنكبوتية، واعتقاد البعض أنها ترياق فعَّال للفردانية الشاملة، حوَّلتنا إلى وكلاء لتلاعبنا بأنفسنا، ففضيحة كامبريدج أناليتكا في عام 2017 حرَّرتنا من هذا الأمل، إذ استخدمت معلومات مسروقة من 87 مليون مستخدم من مديري الشركات التنفيذيين والسياسيين للتأثير في الرأي العام ونتائج الانتخابات، كما تتهم فيسبوك بحماية مجموعات اليمين المتطرِّف الناشرة للكراهية، ورفضها مسح المنشورات العنصرية لارتباطها بمصدر الدخل الإعلاني المربح، ومن ثمَّ تلطَّخ الاتصال السيبراني بتحويل المعلومات الرقمية إلى مؤسسات.
الفكرة من كتاب الأسوأ لم يأتِ بعد… دليل ما بعد رأسمالي للنجاة
يبيِّن الكاتب خلال صفحات الكتاب أن أسوأ الأيام في ظل الرأسمالية لم تأتِ بعد، وأن ما نشاهده من لا مساواة في الدخل، وتصاعد القلق والخوف وزيادة حالات الانتحار، وغيرها من الأمور الناتجة عن الرأسمالية ما هي إلا نقطة في بحر مما سوف نراه من كارثة ودمار قادم!
مؤلف كتاب الأسوأ لم يأتِ بعد… دليل ما بعد رأسمالي للنجاة
بيتر فليمنغ: هو كاتب ومؤلف للعديد من الكتب التي تدرس وتوضِّح الجانب السيئ والمظلم من الرأسمالية، ومن كتبه:
Dark Academia: How Universities Die.
Sugar Daddy Capitalism: The Dark Side of the New Economy.
The Death of Homo Economicus: Work, Debt and the Myth of Endless Accumulation.
The Mythology of Work: How Capitalism Persists Despite Itself.
معلومات عن المترجم:
محمد أ. جمال: هو روائي ومترجم مصري من الإسكندرية، من مؤلفاته:
خيبة أمل.
طيران.
من ترجماته:
أهلًا بالعالم: أن تكون إنسانًا في عصر الخوارزميات.
أهلًا بك في بيت القرود.
في قلب البحر: مأساة الحواتة إسكس.