لا مساواة الدخل وتصاعد القلق والخوف
لا مساواة الدخل وتصاعد القلق والخوف
هناك قلق عام من التهديدات الخارجية يتصاعد بالتدريج في كل مكان في العالم، إذ يتوقَّع الجميع حدوث أسوأ السيناريوهات بشكل لم نرَه منذ الحرب الباردة، فيتخيَّل الأفراد زوال مجتمعاتهم طوال الوقت، وهذا الهاجس من حدوث كارثة وشيكة هو باعث أيديولوجي بارز في الرأسمالية المتأخِّرة، فالقلق والخوف يحافظان على المُستغَلِّين تحت السيطرة، ومن ثمَّ باتت الرأسماية الغربية أشبه بملاجئ القنابل، وبالتالي فإن المرء لا يحتاج إلى كثير بحث وتأمل حتى يرى أن الموضوع يزداد وسيزداد سوءًا في الغالب، فعلى سبيل المثال: يقول الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) إننا لو أسقطنا معدل الاستهلاك العالمي الحالي على المستقبل، سنجد أننا بجاحة إلى ما يعادل كوكب الأرض مرة ونصفًا للمحافظة على معدل الاستهلاك الحالي! ثم يضيف أنه على الرغم من ذلك فلا تزال هناك مساحة للتفاؤل، وهو تفاؤل مخالف للواقع، لأن النخبة العالمية لن تخرج لنا فجأة وتعترف أن النظام الذي تترأَّسه مضرٌّ بالحياة على الأرض، وتتنازل عن سلطاتها من أجل الفقراء وحماية البيئة!
فرغم الانهيار الاقتصادي عام 2008 وما شهده العالم من أزمة، فإن المؤسسات المالية لم تغيِّر من نبرتها، وثبت أنهم غير قابلين للإصلاح، ما يشير إلى أننا في الطريق إلى انهيار اقتصادي أضخم بكثير، بسبب سوق السندات المربح، وفقاعات الإسكان حول العالم، لذلك نجد أن المصرفيين عبارة عن كائنات مستهترة، فعندما سئل أحد المستثمرين، عن أي نوع من الناس يناسب أكثر مهنة المصرفي، أجابه قائلًا: في أحد البنوك التي كنت أعمل بها كنَّا نستخدم القياسات النفسية لاختيار السيكوباتيين! لك أن تتخيَّل أن من يقف على دفَّة الاقتصاد العالمي هو السيكوباتيين غير القادرين على التعاطف أو الشعور بالذنب، فهم على استعداد أن يدوسوا على أعز ما تملك إن وجدوا لذلك سعرًا مناسبًا، أو ربحًا!
على الرغم من السيكوباتية الموجودة في أروقة شركات التمويل العليا، فإن بعض القادة أدركوا أن في الرأسمالية عيوبًا مهلكة، وأنها في طريقها إلى الدمار الذاتي في أية لحظة، وقد اعترف كتَّاب إحدى المجلات المختصَّة بالنخبة العالمية، أن لا مساواة الدخل قد ساءت إلى حد يُخيف بلوتوقراطية (حكم الأثرياء) المؤسسات ذاتها، فعلى سبيل المثال: تزداد ثروة “جيف بيزوس” بمعدل 275 مليون دولار أمريكي يوميًّا، وهذه الدرجة من اللامساواة تهدِّد بحدوث انهيارات ثورية في المجتمع، واقتحام الطبقات الفقيرة لمجمَّعاتهم السكنية المسوَّرة، ولذلك نجد أن الرؤساء التنفيذيين ينزحون إلى البلدان البعيدة مثل نيوزيلندا ليشتروا منتجعات يعتزلون فيها عندما ينقلب العالم وتنهار الأمور!
الفكرة من كتاب الأسوأ لم يأتِ بعد… دليل ما بعد رأسمالي للنجاة
يبيِّن الكاتب خلال صفحات الكتاب أن أسوأ الأيام في ظل الرأسمالية لم تأتِ بعد، وأن ما نشاهده من لا مساواة في الدخل، وتصاعد القلق والخوف وزيادة حالات الانتحار، وغيرها من الأمور الناتجة عن الرأسمالية ما هي إلا نقطة في بحر مما سوف نراه من كارثة ودمار قادم!
مؤلف كتاب الأسوأ لم يأتِ بعد… دليل ما بعد رأسمالي للنجاة
بيتر فليمنغ: هو كاتب ومؤلف للعديد من الكتب التي تدرس وتوضِّح الجانب السيئ والمظلم من الرأسمالية، ومن كتبه:
Dark Academia: How Universities Die.
Sugar Daddy Capitalism: The Dark Side of the New Economy.
The Death of Homo Economicus: Work, Debt and the Myth of Endless Accumulation.
The Mythology of Work: How Capitalism Persists Despite Itself.
معلومات عن المترجم:
محمد أ. جمال: هو روائي ومترجم مصري من الإسكندرية، من مؤلفاته:
خيبة أمل.
طيران.
من ترجماته:
أهلًا بالعالم: أن تكون إنسانًا في عصر الخوارزميات.
أهلًا بك في بيت القرود.
في قلب البحر: مأساة الحواتة إسكس.