في طريقهِ إلى المدرسة
في طريقهِ إلى المدرسة
يبدأُ الطريق إلى المدرسة عند حدوث الاستقرار بعد مرحلة المراهقة الأولى، والتي تبدأُ عادةً عند عُمر ثلاث سنوات، فتكون هذهِ المرحلة أكثر توازنًا مع نفس الطفل والمُحيطِين بِه، وكذلك تتحسَّن قدرته اللغوية، ويبدأ بإنشاء علاقات الصداقة مع أقرانه في مرحلةٍ من اللعب التشاركي، ثم يأتي عمر الأعوام الأربعة، وهي فترة عدم اتساق واضطراب، وتكثر نوبات الغضب، وكذلك تزداد رغبته في الحديث وقدرته على اكتساب المفردات الجديدة، وسعة الخيال، وحبهِ للتمثيل والإيماء، ووسيلة التأديب الأوقع في هذا العُمر هو عزلة عن أصدقائه.
أمَّا في عُمر السنوات الخمس فتبدأُ المُتعة، ففي الرابعة يهيمُ بغير هُدى، أمَّا في الخامسة فيعرف حدوده، وأين يقف، وعلى الرغم من الاختلافات الكثيرة بين هذه المراحِل فإنها تشتركُ في مواطِن عدَّة، مثل دوافعهم الداخلية للقفز والحركة الدائمة، وعلى عكس المتوقَّع فإن هذه المهارات الحركية تؤسِّس لمهارات عقلية في وقتِ لاحق، وأيضًا تتنامى قدرتهم على التحكم في اندفاعهم، لذا يجب على الوالدين التدرُّج اليسير في طلبهم منهم للتحكُّم في اندفاعهم، ويبدأ الطفل في هذه المرحلة التعلم بشكل تدريجي أيضًا كيفيَّة الانفصال عن الأُم، لذا يرى الكاتب أنه من المفيد لصحَّة الطفل النفسية والعقلية في هذا العُمر الالتحاق بروضةٍ للأطفال موثوق منها ومن منهجها في التعامل والتعليم، ويبدأ الطفل أيضًا في هذه المرحلة التحقُّق من هويته الجنسيَّة، وفهم الفروقات بين الذكر والأنثى، كذلك تظهر مُعضلة أخرى كما سماها الكاتب بـ”الرومانسية العائلية”، وفيها يمر الطفل بمرحلة تعلُّق بأحد والديه الذي يختلف من الذكر للأنثى، فتعلق الصبي يكون بوالدته وينظر إلى والِده نظرةَ مُنافسٍ له فِيها، ويرى أنَّ حقه مسلوب بهذهِ المشاركة، أما مشاعر الأنثى فتتجه إلى والدها، وتبدأ بالغيرة عليه من أمها، لكن بعد انتهاء هذه المرحلة ينتقل الطفل إلى مرحلة الاستيعاب، وفيها يُدرِك عجزه عن الدخول في هذهِ الدائرة الخاصة بوالديه، فيكتفي بتصوُّر زوجته وتكتفي هي بتصوُّر زوجها المستقبلي بتخيُّل صفات والديهما في أغلب الأحوال، ولا ينبغي أبدًا أن يُعزِّز الأهل هذا الشعور في طفليهما، لأن له آثارًا سلبية كثيرة في المستقبل.
الفكرة من كتاب طفلك قبل سنِّ السادسة: السنوات المصيرية
إن الأمومة مهنةٌ مميزة، لا يُقابلها في صنوف المِهن ما يُماثلها من أربعٍ وعشرين ساعةً من العمل بلا انقطاع، ولا تتقاضى الأم في المقابل أجرًا ماديًّا، أو تتلقَّى تدريبًا مُسبقًا في تجربة عمليَّة، حتى إنه لا يمكن اختزال هذا العمل في جملة محدَّدة، بل إنَّهُ مزيج من المعرفة المُطبَّقة مع عطفٍ ورعايةٍ وحنان، وعمليةٌ مستمرَّة من التعلُّم، غير أن المشكلة تكمُن في أن التعلم فيها إن كان بارتكاب الأخطاء في أحيانٍ كثيرة لا يمكن تلافيها مرة أخرى مستقبلًا، لِذا أعظم هديَّة يمكن أن تُقدِّمها الأم للبشرية طفل سوي سعيد.
هذا الكِتاب موَجّه إلى الأمهات اللواتي أنجبن مسبقًا ولديهنَّ طفل في عُمر ما قبل السادسة، أو أن تجربة الأمومة هذه هي تجربتهنّ الأولى، وفي كل الأحوال لا يُمكن تربية الأبناء لمُجرَّد قراءة كِتاب، بل إن التطبيق العملي، مع فهم اختلافات أطفالِها، وظروف معيشتها، هو المزيج المُراد تحقيقه من عمليَّة التربية.
خصَّ هذا الكتاب السنوات الست الأولى بالاهتمام، لأنها على عكسِ السائد ليست سنوات تكوينيَّة عاطفيَّة بحتة، وإنما هي سنواتُ تكوين عاطفي وعقلي وذهني، وقد عالج الكِتاب فكرة أساسية، وهي المفهوم الذاتي للطفل عن نفسِه.
مؤلف كتاب طفلك قبل سنِّ السادسة: السنوات المصيرية
فيتزهيو دودسون: عالِم نفس أمريكي، وُلد عام ١٩٢٣م في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند، وتُوفِّي عام ١٩٩٣ عن عُمر يناهز السبعين عامًا، له العديد من المؤلفات، وتُرجِمت أعماله إلى عدَّة لغات منها: كتاب “How to parent”، و”How to father”.
المترجم: زياد زيد الأتاسي