في بيتِنا مُراهِقٌ صغير
في بيتِنا مُراهِقٌ صغير
تبدأ مرحلة المُراهقة الأولى حسبما يرى الكاتِب ببداية العام الثاني للطفل لتعلو أصوات الاعتراضات، وتغيرات متكرِّرة في المزاج، وتوتُّر مستمر، فيدخل عاطفيًّا إلى مرحلة جديدة من النمو وهي المراهقة الأولى، هُنا يكون من الصعب الحصول على تنازلات، أو محاولة الطفل للتكيُّف، أو حتى الوصول إلى تسوية، تبدأ سلسلة الرفض والاعتراضات لتصل إلى رفض المساعدة في لبس الثياب، ثم يتحوَّل هذا الرفض لاستعطاف ورغبة بالمساعدة في المرة القادمة، وهكذا دواليك.
تنشأُ مشكلة تربوية في هذه المرحلة عند الأمهات اللواتي يخفنَ من السيطرة على أبنائهن، فيستجبن لهم على الدوام، وتُزيل القواعِد طواعيةً لرغبته ومزاجِه، ومن هنا تنشأ مُتلازمة “الولد الشقي”.
في المرحلة السابقة لا تحتاج الأم أبدًا إلى تأديب الطفل لكن في هذه المرحلة يُمكنها تأديبه عن طريق تجاهل التصرُّف السيئ، وعدم تعزيزه أو التفاعل معه بأي شكلٍ من الأشكال، لكن على الجانب الآخر يجب على الأم مراعاة أمرين: الأول هو الفرق بين الشعور والتصرُّف، فلا بأس بأن يشعر الطفل بالغضب أو أي شعور سلبي لأن الشعور لا يمكن ولا ينبغي التحكُّم به، لكن حينما يتحوَّل إلى تصرُّف تبدأ هنا مرحلة التأديب.
الأمر الثاني هو ما مدى أهميَّة فعله من عدمِه، وهل يجبُ أن يُتضمَّن ضمن قائمة اللاءات، وفي الشعور يجب على الآباء ترك مساحة لأبنائهم للتعبير عن مشاعرهم، لأن المشاعر المكبوتة تؤدي إلى صحة نفسية سيئة، ويمكن إبداء التفهُّم عن طريق تقنية الارتجاع، أو عكس المشاعر، وفي التعامل مع نوبات الغضب يجب على الأمِّ ألَّا تعزِّزها بالغضب والانزعاج أو الاستسلام لها، بل بتجاهل هذه النوبة، وتركهِ يتعامل معها حتى يهدأ.
هذهِ المرحلة يتجه الطفل فيها إلى كثرةِ الحديث، والأسئلة، ومن المُستحب التعامل مع هذهِ الأسئلة بقدرٍ من الاحترام لعقلهِ الصغير الذي ينمو شيئًا فشيئًا، وغالبًا ما يكون الطفل مُهيَّأً في هذه المرحلة لاستخدامِ المِرحاض، وهذهِ مرحلة حسَّاسة جدًّا لأنه من السهل على الطفل فعل الشيء لكن من الصعب عليه منع حدوثِه، وتشعر أغلب الأمهات بالعجز والضيق في هذه الفترة، غير أنها إذا أبدت مشاعر القرف سيشعر الطفل حيال نفسه شعورًا سيئًا بالدُّون والسوء لإخراجهِ هذهِ الفضلات السيئة.
أمَّا فيما يخصُّ الألعاب فإن اللعب بالماء، والخربشة، والإمساك بالقلم، والتلوين، ومُمارسة الألعاب في الهواء الطلق، والاندماج في اللعب بجوار الأطفال، من الاتجاهات المفيدة في اللعب لهذا العُمر.
الفكرة من كتاب طفلك قبل سنِّ السادسة: السنوات المصيرية
إن الأمومة مهنةٌ مميزة، لا يُقابلها في صنوف المِهن ما يُماثلها من أربعٍ وعشرين ساعةً من العمل بلا انقطاع، ولا تتقاضى الأم في المقابل أجرًا ماديًّا، أو تتلقَّى تدريبًا مُسبقًا في تجربة عمليَّة، حتى إنه لا يمكن اختزال هذا العمل في جملة محدَّدة، بل إنَّهُ مزيج من المعرفة المُطبَّقة مع عطفٍ ورعايةٍ وحنان، وعمليةٌ مستمرَّة من التعلُّم، غير أن المشكلة تكمُن في أن التعلم فيها إن كان بارتكاب الأخطاء في أحيانٍ كثيرة لا يمكن تلافيها مرة أخرى مستقبلًا، لِذا أعظم هديَّة يمكن أن تُقدِّمها الأم للبشرية طفل سوي سعيد.
هذا الكِتاب موَجّه إلى الأمهات اللواتي أنجبن مسبقًا ولديهنَّ طفل في عُمر ما قبل السادسة، أو أن تجربة الأمومة هذه هي تجربتهنّ الأولى، وفي كل الأحوال لا يُمكن تربية الأبناء لمُجرَّد قراءة كِتاب، بل إن التطبيق العملي، مع فهم اختلافات أطفالِها، وظروف معيشتها، هو المزيج المُراد تحقيقه من عمليَّة التربية.
خصَّ هذا الكتاب السنوات الست الأولى بالاهتمام، لأنها على عكسِ السائد ليست سنوات تكوينيَّة عاطفيَّة بحتة، وإنما هي سنواتُ تكوين عاطفي وعقلي وذهني، وقد عالج الكِتاب فكرة أساسية، وهي المفهوم الذاتي للطفل عن نفسِه.
مؤلف كتاب طفلك قبل سنِّ السادسة: السنوات المصيرية
فيتزهيو دودسون: عالِم نفس أمريكي، وُلد عام ١٩٢٣م في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند، وتُوفِّي عام ١٩٩٣ عن عُمر يناهز السبعين عامًا، له العديد من المؤلفات، وتُرجِمت أعماله إلى عدَّة لغات منها: كتاب “How to parent”، و”How to father”.
المترجم: زياد زيد الأتاسي