الملابس الداخلية من بنجلاديش
الملابس الداخلية من بنجلاديش
تُشكِّل صناعة الملابس والمنسوجات في بنجلاديش 76% من صادرات البلاد السنوية، وبسبب انتشار فيديو عام 1992 على أحد البرامج التليفزيونية يُظهر مجموعة من الأطفال وهم يعملون في المصانع، فإن الأمريكان اعتبروا أن عبارة “صُنع في بنجلاديش” تعني “صُنع بأيدي الأطفال”، لذلك اتخذوا إجراءً وحيدًا وهو مقاطعة الملابس المصنوعة في بنجلاديش، إلا أن الأطفال الذين كانوا يعملون في مجال صناعة الملابس، والمنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الطفل في بنجلاديش احتجوا على المقاطعة الأمريكية، والسبب هو أن الأطفال لم يرغبوا في فقدان وظائفهم، لأنهم يعولون أسرهم، فالحياة في بنجلاديش عبارة عن عمل بالنسبة للكبار والصغار على حدٍّ سواء، وتحت ضغط المقاطعة الأمريكية اضطرت المصانع إلى طرد جميع الأطفال دون سن الرابعة عشرة بلا تعويض، فامتلأت شوارع “دكا” عاصمة بنجلاديش بالأطفال العاطلين عن العمل، ورغم ذلك فإن الأمر لم يتغير كثيرًا، فآخر استطلاع رأي أظهر أن نحو 93% من الأطفال يعملون في القطاع غير الرسمي.
سافر “كيلسي” إلى بنجلاديش لمقابلة صنَّاع ملابسه الداخلية من ماركة “جينجيل ذيس”، وفي “دكا” قابل موظف الاستقبال التابع لمصنع “لي آند فانج”، وقال له: أريد أن أتحدث مع أحد عن صناعة ملابسي الداخلية، ورغم سخافة العبارة، قال له الموظف غدًا تذهب إلى أحد المصانع، فقابل كيلسي شخصًا يُدعى “صالحين” الذي كان يعمل وسيطًا في مجال تصنيع الثياب، وسافرا معًا إلى مدينة “سافير”، وتوجها إلى أحد المصانع، وفي داخل المصنع قابل كيلسي عددًا من الموظفين الذين أخذوا ملابسه الداخلية ليفحصوها، وأخذ كيلسي يقوم بجولة في المصنع، الذي بدا نظيفًا، ولم يجد أطفالًا بين العاملين فيه، وفي النهاية لم يجد كيلسي سبيلًا لمعرفة أي من المصانع هي التي صنعت ملابسه، لأن المصانع في دكا تصنع الملابس حسب الطلب.
من هنا قرر كيلسي زيارة المصانع المستغلة الواقعة شمال شرق دكا، فوجد في أحد مصانع الغزل والنسيج عمالًا من المراهقين يعملون لمدة 12 ساعة في اليوم دون توقف، وعلم أنهم إن لم يعملوا في هذه المصانع، فسوف يعملون في أشغال أسوأ، كمصانع الطوب وتكسير الحجارة، أو يتسولون في الشوارع، ومن ثمَّ رأى كيلسي أنه من السهل أن يكون معرضًا لعمالة الأطفال، إلا أن الأطفال في بنجلاديش لا يتمتعون بالخيارات التي يتمتع بها الأطفال في الدول الأكثر غنى، وسواء كنت ضد عمالة الأطفال أم معها، فإن ظروف العمل في صناعة الملابس في بنجلاديش هي الظروف المعيشية السائدة في جميع البلاد، هذه هي ثقافة الفقر!
الفكرة من كتاب أين تصنع ملابسنا؟ رحلة حول العالم لمقابلة صنّاع الملابس
سأل الكاتب نفسه سؤلًا، وهو أين تُصنع ملابسي؟ ولأجل الإجابة عن هذا السؤال خرج الكاتب من بلده وخاض رحلة حول العالم زار فيها المصانع المنتجة لملابسه للحصول على الإجابة، وحتى يتعامل بوصفه مستهلكًا وجهًا لوجه مع المُنتج دون وسيط، وخلال الكتاب يعرض لنا الكاتب أحوال العمّال وظروف عملهم، وأحوالهم الاجتماعية، وكيف السبيل إلى تحسينها.
مؤلف كتاب أين تصنع ملابسنا؟ رحلة حول العالم لمقابلة صنّاع الملابس
كيلسي تيمرمان: صحفي مستقل، ومتحدث تحفيزي من ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، له كتابات منشورة في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية.
معلومات عن المترجم:
رشا صلاح الدخاخني: مترجمة مصرية تخرجت في كلية الآداب جامعة القاهرة، وعملت منذ تخرجها في مجال الترجمة للعديد من المكتبات ودور النشر، وحاصلة على دبلومة ترجمة الأمم المتحدة والترجمة القانونية من الجامعة الأمريكية، تعمل حاليًّا في وظيفة مترجم أول بمؤسسة هنداوي، من ترجماتها:
رفقة الغرباء: تاريخ طبيعي للحياة الاقتصادية
التدريس المُتمركِز حول المُتعلِّم
صانع المعجزات